كتب – ناهد صبحى
أكد وزير الخارجية أن مصر تدرك اليوم تحديات المستقبل، انطلاقاً من أن نجاحنا يتوقف على خلق مجتمع حقيقى يؤسس لمبدأ الملكية المشتركة، وأن تمكين الشباب والمرأة يلعب دوراً رئيسياً فى تحديد مستقبل مصر، وأن الرخاء فى المستقبل يتوقف على قرارات اليوم والجهود المتتالية لدعم أجيال قادرة على تحمل المسئولية وقيادة جهود تغيير المجتمع.
وقال شكرى- فى مقال باللغة الانجليزية ، على مدونة وزارة الخارجية بعنوان “منتدى شباب العالم: التواصل اليوم من أجل غد أفضل”- أن العالم يواجه اليوم تحديات جسيمة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية مما يستدعى حشد كافة الموارد والطاقات داخل الدول، ومن ضمنها قدرات الشباب.
وأضاف “فمع تزايد التقدم التكنولوجى ووسائل الاتصال، أظهر الشباب فى مختلف دول العالم العزيمة والإصرار نحو إحداث التغيير الذى تطمح إليه المجتمعات المختلفة. وفى الشرق الأوسط اثبت شباب الوطن العربى والمنطقة قدرتهم المذهلة والإصرار المستمر على تغيير الأوضاع الاجتماعية والثقافية والسياسية ببلادهم وهو الأمر الذى أذهل العالم بأكمله، ومن هنا جاءت أهمية الاستفادة من تلك القدرات والطاقات الشابة وتوفير البيئة الملائمة لتوظيف مهارات الشباب والقدرة على الابتكار من أجل تشكيل مستقبل أفضل.”.
وقال شكرى أنه وفى مصر، كان الشباب المحرك الأساسى لثورتى 2011 و2013، حيث يشكل الشباب تحت سن 35 عاما حوالى 68.6% من المجتمع المصرى. ومن هنا اهتمت القيادة السياسية فى مصر بتمكين الشباب والعمل على تضييق الفجوة الفكرية بين الأجيال المختلفة، وذلك حرصا على مشاركتهم فى صنع المستقبل، من خلال الاهتمام بعدة محاور لدعم قدراتهم ومنها إصلاح التعليم.
وأضاف أنه فى إطار الخطة المصرية للتنمية المستدامة 2030 جاء التأكيد على مبدأ إتاحة التعليم لكافة قطاعات الشعب، وهو ما احدث تغييرا وفقا للإحصاءات الحالية التى تشير إلى التقدم فى إتاحة التعليم ليصل إلى حوالى 90%. هذا، بالإضافة إلى الدفع بعدة مشروعات لتحديث نظام التعليم فى مصر بالتعاون مع شركائنا فى المنطقة والعالم. فنحن نهدف إلى تأسيس مؤسسات تعليمية تستطيع إعداد شباب قادر على مواجهة تحديات المستقل.
وتابع : كما تسعى الحكومة المصرية إلى منح فرص حقيقية لمشاركة الشباب فى عملية صنع القرار على المستوى السياسى والاقتصادى، وهو ما دعمه الدستور الذى ينص فى مواده رقم ٢٩ و٨٢ على وضع قواعد لتمكين وتشجيع الشباب على المشاركة فى الأنشطة السياسية والاقتصادية. كما يوضح الدستور نسبا محددة لمشاركة الشباب فى البرلمان بحيث يكون ١٠% من أعضاء البرلمان من الشباب، ويضاف إلى ذلك تخصيص نسبة 25% من المرشحين فى الانتخابات المحلية للشباب”.
وأوضح وزير الخارجية أن كل ما سبق يأتى فى إطار الحرص على ضرورة إعطاء مساحة للشباب للتعبير عن اهتماماتهم المختلفة، ولم تغفل القيادة السياسية عن تمكين الشباب اقتصاديا، فتم استحداث الخطة الوطنية لتمكين الشباب (****YENAP****) بهدف منح مزيد من فرص العمل ودعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة. كما اصدر البنك المركزى قرارا يلزم البنوك الوطنية بمنح حوالى 20% من القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بهدف ضخ ما يصل إلى 200 مليار جنيه مصرى لتلك المشروعات خلال الأعوام الأربعة القادمة، مما يساعد على زيادة الحافظة الائتمانية للشباب.
وأشار إلى أنه وبجانب الخطوات سالفة الذكر، أعلنت القيادة السياسية فى مصر عن تدشين البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، والذى يهدف إلى إعداد الأجيال القادمة من خلال بناء المهارات والمعرفة المطلوبة فى مجالات إدارة السياسات والإدارة العامة والعلاقات الدولية، فضلاً عن فتح مجال للتواصل المباشر بين كافة مؤسسات الدولة وقطاعات الشباب المختلفة فى مصر، وذلك من أجل إعداد كوادر شبابية، تمتلك مهارات القيادة وقادرة على تحقيق التغيير المنشود.
وقال شكرى “بالإضافة إلى ذلك، عقد الرئيس السيسى عدة اجتماعات فى صورة مؤتمرات دورية للالتقاء بالشباب وخلق حوار معهم فى كافة الموضوعات ذات صلة بشباب مصر. وقد تم تصميم المؤتمرات بحيث تعقد بشكل دورى وفى مدن مختلفة بجميع أنحاء مصر..والى الآن، تم عقد أربعة مؤتمرات رئيسية أولهما مؤتمر شرم الشيخ/ أكتوبر 2016 والذى جمع بين مسئولين من الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية والإعلام وطلبة الجامعات، ثم مؤتمر أسوان/فبراير 2017 والذى ركز على أهمية إشراك الشباب فى عملية التنمية الاقتصادية لصعيد مصر، تلاه مؤتمر الإسماعيلية /ابريل 2017 والذى تناول موضوعات ذات طبيعة خلافية مثل قضايا غلاء الأسعار وبرامج التنمية الاجتماعية والصحية، وأخيرا مؤتمر الإسكندرية والذى تطرق إلى السبل المختلفة لإشراك كافة قطاعات المجتمع فى برنامج التنمية المستدامة 2030”.
وأكد الوزير أن الرئيس عبد الفتاح السيسى قد حرص على المشاركة فى المؤتمرات الأربعة التى امتدت فعالياتها لثلاثة وأربعة أيام، وإجراء مناقشات مفتوحة وشفافة، وتدوين الملاحظات، وذلك بهدف إزالة أية حواجز تثنى الشباب عن المشاركة السياسية والعامة وتيسير تحركهم نحو القيادة. وكان من ابرز نتائج تلك المؤتمرات تشكيل لجنة من الشباب تحت الإشراف المباشر لرئاسة الجمهورية مهمتها النظر فى حالات الشباب المحتجزين بدون أحكام، وهو ما أفضى إلى إصدار الرئيس ثلاثة قرارات للعفو الرئاسى لمئات الشباب، وتعكف اللجنة الآن على إعداد قائمة رابعة من المنتظر أن يصدر عفو رئاسى بشأنهم. ويعد كل ذلك، دليلا على أن البرنامج الرئاسى خطوة فعالة لخلق حوار بين القيادة والشباب لاتخاذ قرارات إستراتيجية فى عدة مجالات، من ضمنها التعليم وتطوير الإعلام وتجديد الخطاب الدينى.
وأوضح أنه ومن ذات المنطلق، تستضيف مصر، وبرعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، “منتدى شباب العالم”، خلال الفترة من اليوم الأحد وحتى العاشر من الشهر الجارى فى مدينة شرم الشيخ، بهدف نقل :”رسالة سلام وتجانس” للعالم أجمع، فمن المقرر أن يستضيف المؤتمر ما يقرب من 3000 شاب وشابة بالإضافة إلى عدة قيادات سياسية واقتصادية من مختلف أنحاء العالم، سيشاركون فى نقاشات مفتوحة وصريحة بشأن القضايا التى تؤثر ويهتم بها شباب العالم.
وتابع “ومن منطلـق حرص مصر على الاسـتماع لآراء قيادات المستقبل بشأن القرارات التى يتم اتخاذها اليوم، يـأتى شـعار المنتدى”****We need to talk****” الذى يعقد على مدار خمسة أيام، وسيمثل منبراً لشباب العالم من أجل تبادل الخبرات والآراء والأفكار المختلفة مع كبار القادة حول كيفية خلق مستقبل أفضل”..لافتا إلى أن أعمال المنتدى تنقسم لعدة محاور تتعلق بالقضايا التى تحظى باهتمام شباب العالم، وستتناول التحديات التى تواجههم وسبل مواجهتها من أجل بناء مستقبل أفضل.
وأوضح أن المنتدى يستهدف تناول سؤال حيوى رئيسى، وهو كيف يمكن للشباب من جميع أنحاء العالم خلق وتقديم رؤية إيجابية للمستقبل؟ وتحقيقاً لهذا الهدف، ستعمل الجلسات على استكشاف كيفية تمكين العالم لقادة المستقبل، واستعراض الخبرات الدولية الرئيسية فى الارتقاء بمهارات ومواهب الشباب، ودور الدول والمجتمعات فى خلق قادة المستقبل. وعلاوة على ذلك، ستتطرق الجلسات للقضايا المتعلقة بالاختلافات بين الحضارات والثقافات المختلفة، وقدرة الشباب على تحقيق التنمية المستدامة، ومشاركة الشباب فى عملية بناء وحفظ السلام فى النزاعات وما بعد النزاعات.
وقال وزير الخارجية فى مقاله الذى نشر على مدونة وزارة الخارجية بعنوان “منتدى شباب العالم: التواصل اليوم من أجل غد أفضل”:يمثل الشباب الحاضر والمستقبل، وبالتالى سيتم توسيع نطاق المناقشات لتتناول قضايا أخرى، مثل ريادة الأعمال والابتكار، واللاجئين، وتغير المناخ، ووسائل تعزيز مشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمرأة، ولاشك أن مشاركة الشباب من كافة أنحاء العالم قد يساعد على بناء جسور الحوار والنقاش البناء حول القضايا ذات الاهتمام المشترك. ونأمل أن يكونوا قادرين على إيجاد حلول مبتكرة للمشاكل التى بدت فى وقت سابق لجيلنا غير قابلة للحل.
وأضاف أن هناك بعداً هاماً آخر هو حماية الشباب من التفسيرات المشوهة للإسلام، التى يستخدمها الإرهابيون لتحقيق أهدافهم الخبيثة. وتتولى مؤسساتنا الإسلامية البارزة زمام المبادرة فى تقديم رسالة مضادة لهذا الفكر المتطرف، وقد أطلق الأزهر، مبادرة “مقاهى الثقافة”، حيث يتفاعل علماء الدين مباشرة مع الشباب فى مختلف محافظات مصر، من أجل مكافحة الأفكار المتطرفة بتوضيح الحجج الدينية المعتدلة، كما أن الأزهر، جنبا إلى جنب مع دار الإفتاء المصرية، يقودان أيضا الجهود الرامية إلى كسب الحرب الإلكترونية ضد الإرهاب، وذلك من خلال إصدار مجلة إلكترونية “****Insight****”، تحتوى على تحليلات متعمقة لعدة موضوعات دينية وبلغات متعددة، تهدف كشف الطبيعة الإجرامية للإرهابيين، والتوعية بقيم الإسلام السمحة والمعتدلة ودحض أية أفكار وأراء متطرفة، مع التركيز بشكل أكبر على مختلف القضايا المعاصرة مثل النساء فى الإسلام، والحرب فى الإسلام وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، تقود دار الإفتاء جهودا عالمية لمحاصرة ومواجهة الخطاب المتطرف، حيث تم إنشاء “الأمانة العامة لبيوت الإفتاء” فى جميع أنحاء العالم فى أكتوبر 2015.
وشدد شكرى على أن مصر اليوم تدرك تحديات المستقبل، انطلاقاً من أن نجاحنا يتوقف على خلق مجتمع حقيقى يؤسس لمبدأ الملكية المشتركة، وأن تمكين الشباب والمرأة يلعب دوراً رئيسياً فى تحديد مستقبل مصر، وأن الرخاء فى المستقبل يتوقف على قرارات اليوم والجهود المتتالية لدعم أجيال قادرة على تحمل المسئولية وقيادة جهود تغيير المجتمع