كتب: محمد حنفي الطهطاوي
أكدت دار الإفتاء المصرية على أنه لا اجتهاد في الأحكامِ الشرعيةِ قطعيةِ الثبوتِ والدلالةِ، ولا مجال فيها لوجهات النظر الشخصية، والتي منها “أحكام المواريث”؛ لأنها حُسِمت بنصوصٍ شرعيةٍ قطعيةٍ وصريحةٍ لا تحتمل أكثرَ من معنًى.
وأثار السبسي الجدل داخل وخارج بلاده الأسبوع الماضي عندما قال في كلمة بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة في تونس إن بلده يتجه نحو المساواة التامة بين الرجل والمرأة في كل المجالات من بينها المساواة في الميراث، وأعلن تكوين لجنة لمناقشة سبل تنفيذ المبادرة. وقال أيضا إنه يعتزم السماح للتونسيات بالزواج بأجنبي حتى وان كان غير مسلم .
ورفض الأزهر في بيان ناري الاثنين الماضي مبادرة الرئيس التونسي واعتبرها تدخلا سياسي في الدين ومخالفة لنصوص قطعية ثابتة غير قابلة للاجتهاد ، وبالتالي فالمبادرة التونسية مخالفة للشرع
وأوضحت دار الإفتاء في بيان لها يعد أول رد فعل لها ضد المبادرة التونسية ، أن “أحكام المواريث” لا تخضع للاجتهاد، ولا مجال لوجهة النظر الشخصية فيها؛ لأن الذي قدَّر نصيبَ كل وارث شرعًا فيها هو الله سبحانه وتعالى، ونصَّ على ذلك صراحة في آيات القرآن الكريم، فقال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ}، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ”؛ وعليه تكون قضية المواريث من الأحكام قطعية الثبوت والدلالة التي لا تقبل الاجتهاد ولا وجهات النظر.
والأمر الذي الأمور اشتعالا وجدلا خلال الأيام الماضية ، هو تاييد دار الإفتاء في تونس واعتبرتها طرحا جيدا وشأنا داخليا ، وهو الذي رفضه الأزهر في بيانه وقال رسالته عالمية لتعريف المسلمين بدينهم وليس تدخلا في شئون أحد .
وحذَّرت دار الإفتاء في بيانها اليوم من تلك الدعوات التي أُطلقت مؤخرًا وتطالب بمساواة المرأة بالرجل في الميراث، واصفة إياها بالواهية التي تفتقد إلى العلم بقواعد الشرع الشريف.
وبينت الدار أن الزعم بأن الشرع ظلم المرأة لصالح الرجل في قضية الميراث زعم باطل؛ وأن دعوى أن الإسلام يورث الرجل على الإطلاق أكثر من الأنثى دعوى لا يعتد بها؛ ففي مقابل أربع حالات فقط يرث فيها الرجل ضعف المرأة نجد في المقابل أكثر من ثلاثين حالة في الميراث تتساوى فيها المرأة مع الرجل أو ترث أكثر منه أو ترث ولا يرث.
وقالت دار الإفتاء إن الشرع الشريف قد حثَّ على الاجتهاد فيما لا نصّ شرعيّ فيه ولا إجماع، فقال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ}، ولقوله صلى الله عليه وسلم “إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ”، فاتحًا بذلك الباب أمام العلماء ليجتهدوا في بيان الأحكام الشرعية للأمة الإسلامية.
وشدَّدت دار الإفتاء على ضرورة عدم إقحام القضايا الدينية في السياسة وعدم تدخل رجال السياسة في الدين، كما طالبت – من قبل مرارًا – بعدم تدخل رجال الدين في السياسة؛ لأن ذلك يضر بالدين والسياسة معًا.
كما أكدت دار الإفتاء أنها كمؤسسة دينية موكول بها بيان الأحكام للناس والتصدي للأفكار التي تصطدم مع صحيح الدين هو ما دفعها لبيان هذا الأمر، مع تأكيدها احترامها الكامل للجميع في حرية إبداء آرائهم، وحرصها على عدم التدخل في شئون الدول والمجتمعات، فلا يمكن لأي دولة أو مؤسسة أن تتدخل في شئون دولة أخرى.