كتب: محمد عطا
ينشر “السياسي” الكلم الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس وزراء جمهورية الهند
السيد “ناريندرا مودي”، رئيس وزراء جمهورية الهند،
السادة الوزراء وكبار المسئولين من الجانبين المصري والهندي،
إنّه لمن دواعي سروري أن تأتي زيارتي لجمهورية الهند تلبيةً للدعوة الكريمة التي تلقيتُها من دولة رئيس الوزراء، السيد / ناريندرا مودي، لأكونَ بينكم غداً مشاركاً في الاحتفال بذكرى “يوم الجمهورية”، ذلك اليوم الذي بدأ فيه العمل بدستور جمهورية الهند عام 1950 ليدشّنَ بلدُكم الكبير حلقةً جديدة من تاريخه العظيم، وأتوجّه بالشكر للسيد رئيس الوزراء على تلك المبادرة المقدرة، وعلى كرم الضيافة، وحسن الاستقبال، والذي يعبر بصدق عن العلاقات الأخوية الممتدة والحافلة بين بلدينا وشعبينا، حيث نحتفل هذا العام بمرور 75 عاماً على تدشينها.
السيدات والسادة،
لقد استعرضنا خلال المباحثات ما وصلت إليه العلاقات بين البلدين في المجالين التجاري والاستثماري، حيث أكدنا مواصلة العمل لزيادة حجم التبادل التجاري، وتعظيم الاستفادة المشتركة من القدرات والمزايا الإنتاجية والتصديرية للبلدين كي نستجيب للأولويات الاقتصادية والاجتماعية للشعبين المصري والهندي.
كما أوضحتُ لدولة رئيس الوزراء الفرص والحوافز والمزايا الاستثمارية المتاحة في مصر، والإجراءات التي تتّخذها الحكومة لتحفيز الاستثمار الخارجي، وأعربتُ له عن تطلعنا إلى زيادة الاستثمارات الهندية في مصر في مختلف المجالات، لاسيما في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، خاصةً بعد ما لمسناه من عزم لدى الشركات الهندية العاملة في مصر على مواصلة تعزيز تواجدها، وما أبدته شركات هندية متخصصة في مجالات واعدة من اهتمام بضخ استثماراتها في مصر.
ومن ناحيةٍ أخرى؛ اتفقُّت رؤانا على تعظيم التعاون القائم في المجالات المختلفة، والانطلاق نحو شراكات في مجالات جديدة، ومن بينها التعاون في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، خاصةً إنتاج الهيدروجين الأخضر. واتفقنا أيضاً على تعزيز التعاون الاستراتيجي بيننا في عدة مجالات أخرى، وعلى رأسها الزراعة، والتعليم العالي، وصناعات الكيماويات والأسمدة والأدوية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأمن السيبراني.
ولقد أكدت كذلك للسيد رئيس الوزراء ضرورة تكوين قنوات منتظمة تتيح تبادل الخبرات والمعرفة فيما يرتبط بالتجارب والمبادرات الناجحة في كلٍ من البلدين، خاصةً على صعيد تطوير الصناعة المحلية، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير حياة كريمة للمواطنين والارتقاء بمستوى معيشتهم.
كما لا يخفى عليكم أن مصر والهند تتشاركان في البعد الحضاري الذي يضرب بجذوره في أعماق التاريخ الإنساني، ولذا فقد اتفقنا على ضرورة تعزيز الروابط والصلات على المستوى الثقافي، من خلال المشاركة المتبادلة في الفعاليات الثقافية في كل من البلدين، وعلى أهمية تيسير سبل التواصل بين شعبي البلدين من خلال تكثيف رحلات الطيران بين مصر والهند، لاسيما بين العاصمتين القاهرة ونيودلهي، لتسهيل حركة السياحة البينية، حيث أكّدت لدولة رئيس الوزراء على ترحيبنا الكامل في مصر باستقبال المزيد من السائحين الهنود.
السيدات والسادة،
لقد كان التعاون في مجال الدفاع على جدول أعمال مباحثات اليوم؛ فتعزيز التعاون في ذلك المجال خيرُ بُرهان على الإرادة المشتركة لتدشين علاقة استراتيجية بين البلدين؛ إذ أكدنا مواصلة التنسيق، والتدريبات المشتركة، وتبادل الخبرات، والعمل على استشراف آفاق إضافية لتعميق التعاون في ذلك المجال؛ بما في ذلك التصنيع المشترك.
كما دار نقاشٌ معمّق ومثمرٌ بيني وبين دولة رئيس الوزراء حول أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك على المستويين الإقليمي والدولي؛ وفي مقدمتها الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على الدول النامية بشكل خاص، وتطابقت تقديراتُنا حول أنّ تَوالِي الأزمات ذات الأثر الدولي قد بَرْهن من جديد على القيمة الكبيرة للعمل المشترك بين الدول الصديقة لتعزيز قدراتها على مجابهة التحديات الناجمة عن تلك الأزمات.
وتناولنا أيضاً السبل المُثلي لمكافحة الارهاب والتصدي للفكر المتطرف؛ إذ أن لدينا وجهة نظر مشتركة في هذا الصدد، وهي أنّ التعاون معاً سوف يُعِينُ على القضاء على العنف، لأنّ انتشار العنف والإرهاب والفكر المتطرف يمثل تهديداً حقيقاً؛ ليس فقط لبلدينا، ولكن لكافة الدول في جميع أنحاء العالم. وفي هذا السياق، فقد اتفقنا على أهمية تعزيز التعاون في المجال الأمني وإعطاء قوة دفع لمزيد من التنسيق في ذلك المجال الحيوي، فلا تنمية بدون استقرار أمني.
كما استعرضت مع دولة رئيس الوزراء ما أسفرت عنه القمة العالمية للمناخ COP27 بشرم الشيخ من نتائج هامة، خاصةً ما يتعلق بإنشاء صندوق لتمويل الخسائر والأضرار المترتبة على التغيرات المناخية، لاسيما في الدول النامية التي تعاني فيها البنى التحتية من الضعف وعدم القدرة على الصمود أمام آثار التغيرات المناخية.
وقد تقدّمت بالشكر لدولة رئيس الوزراء على دعوة مصر للمشاركة في أعمال مجموعة العشرين تحت الرئاسة الهندية لعام 2023، وأكّدت له أنّ مصر لن تدخر جهداً من أجل دفع المحادثات في الاتجاه البنّاء، سعياً لتحقيق تطلعات دول الجنوب، وبما يتيح التوصل لطُرُق فعالة لمواهة أزمات الطاقة، وتغير المناخ، ونقص الغذاء، وشح التمويل من أجل التنمية، وتراكم الديون المستحقة على الدول النامية؛ فتلك قضايا نضعها على رأس أولوياتنا سعياً لإعادة الاستقرار والتوازن إلى البيئة الاقتصادية الدولية.
ولقد شهدت مباحثاتنا اليوم نقاشاً مفعماً بالإرادة المشتركة للارتقاء بالعلاقات بين مصر والهند إلى المستوى الاستراتيجي، واتفقنا خلال الحوار الذي جَرى اليوم مع دولة رئيس الوزراء على ضرورة عقد اللجنة المشتركة بين البلدين في أقرب وقت، ووضع الآليات التنفيذية لخطط التعاون المشترك بين البلدين.
الحضور الكريم،
لا زلت أذكر أول لقاء جمعني بدولة رئيس الوزراء على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 2015، فقد خرجت من ذلك اللقاء باقتناع بأن جمهورية الهند ستعرف تحت قيادته طفرةً في التحديث والنمو، كما تولّد عندي منذ ذلك اللقاء الأول تفاؤلٌ كبيرٌ إزاء مستقبل العلاقات بين بلدينا، وهو التفاؤل الذي يتأكد لدىّ مع كل خطوة نمضيها سوياً على طريق تطوير العلاقات المصرية الهندية.
ختاماً، لا يسعني إلا أن أعبّر عن تطلعي لاستقبال دولة السيد رئيس الوزراء في زيارة قادمة له إلى القاهرة في أقرب فرصة ممكنة، لاستكمال محادثاتنا البناءة، والتأسيس لمرحلة جديدة من العلاقات بين مصر والهند تقوم على الشراكة الاستراتيجية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.