الدكتور إكرام لمعي
رئيس مجلس الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية المشيخية في مصر
نعيش في عالمنا الثالث نخضع لفكر ما أطلق عليه العلماء والفلاسفة ” التقسيم المثنوي” والذي يعني أن الليل يقابله النهار والشرق يقابله الغرب والذكر يقابله الأنثى فهل يعني ذلك أن الشر يقابله الخير والإنسان يقابله الحيوان ؟، أم أن هذه الثنائيات لا تعبر عن الإنسان المتحضر الذكي؟ فمن الواضح أن التفكير المثنوي صنع طريقة تفكيرنا وقيدها منذ زمن بعيد، وهذا هو ما أورثنا الإنحراف والضياع والغباء والرفض ، في حين أن العالم المتحضر لم يتحضر إلا عندما وضع الثنائيات جانبًاوأطلق عقله بالتفكير قافزًا على جميع الثنائيات فشطب من ناموس حياته مبدأ”إما أو” فعندما يناقشون هؤلاء البشر أمرًا ما يطرحون كل الإحتمالات بين الأبيض والأسود وما بينهما وما قبلهما وبعدهما من درجات الألوان. من هنا قبلوا بعضهم بعضًا بغض النظر عن العرق(أسود-أبيض- أصفر…الخ)ولذلك نلاحظ أن حقوق الحيوان عندهم لا تقل عن حقوق الإنسان فلقد قبلوا الحيوانات والطيور وجميع الثقافات والجنسيات وأتباع الأديان والمذاهب على إختلافها وتعددها، يرحبون بكل فكر جديد ورؤى جديدة، يتحاورون حولها بإنفتاح وإنسانية ،يبحثون عما يقربهم ولا يبعدهم على المستوى الإنساني، لذلك تجد هناك كل الأديان تتعايش معًا وأتباع كل دين يتعايشون معًا على إختلاف مذاهبهم وتوجهاتهم وكل طائفة تتعايش داخليًامع كل الأفكار، وهذا التعايش يختبر يوميًا ما يصلح فيه وما يرفض منه بطريقة تلقائية والذي يقبله مقبول والذي يرفضه مقبول أيضًا طالما يوجد إنسان واحد يقبله لأنه في إحترام هذا الإنسان الفرد إحترام للإنسانية جمعاء.
بسبب هذه النوعية من التفكير واستخدام البدائل وصلوا للقمر والمريخ وجلسوا على قمة العالم التكنولوجية وقمة الحرية والإنسانية،فلا يوجد إنسان مرفوض ولا فكر مرفوض، لقد وضعوا جانبًا فقه ولاهوت القطيع ولم يتوقفوا لحظة عن الحوار حول ما يتفقون معه ومايختلفون عليه،وفي الحالتين يعملون لأجل مستقبل أفضل بتفهم أفضل للجميع وذلك لتحقيق إنسانية أفضل،ولذلك ماكانوايحلمون به أصبح في حيز الإمكان وما كان بالإمكان أصبح في حيز الفعل والإنجاز،والذي لم يكن في الإمكان (مستحيل) صار في دائرة الإمكان .
أمام هذه التجربة الإنسانية والتي نجحت في معظم بلاد العالم: أمريكا وأوروبا واليابان وسنغافورة وهونج كونج وجنوب افريقيا وكينيا..الخ لم يعد سوانا، الشرق الأوسط والقليل من دول إفريقيا وأسيا نلهث وراءهم نتمنى أن نقف بجوارهم لكننا ننسى مافعلوه وهو أهم عامل لتحضر الجنس البشري قبول الآخر المختلف بتحضر وتفهم وتعاون لأجل مستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة.
وعلينا أن ندرك إما أن نفعل ما فعلوه أو ليس أمامنا سوى أن ننقرض بفعل نظرية البقاء للأفضل والإنقراض للأسوأ.