بقلم اسماعيل جمعه الريماوي باحث وكاتب فلسطيني
بالتأكيد تعرفون من هي المقصودة بالسؤال؟.. إنها أمريكا بالطبع.. فعقب كل أزمة أو أحداث كبرى تراجع أمريكا نفسها، والمراجعات شيء إيجابي، لكنها لا تقول لنا الإجابة.. بعد أحداث 11 سبتمبر راحت الأوساط السياسية والأكاديميات الأمريكية ومراكز الأبحاث تدرس سؤالًا واحدًا، هو لماذا يكرهوننا؟.. لماذا يكره العالم أمريكا؟.. ولم نعرف الإجابة حتى الآن.. وظهر مؤخرًا كتاب مهم فى بريطانيا يشرح الأسباب الحقيقية لكراهية العالم لأمريكا، يؤكد أن السياسة الاحتكارية هي السبب!.
وقبل أن تتهمني بأنني صاحب السؤال أو الفرضية، ينبغي أن تعرف أن أمريكا هي مصدر السؤال الذى أخفت إجابته، ولم تصلح من نفسها رغم كل شيء.. وغدًا ستنتهى الحرب الروسية الأوكرانية ويبقى السؤال مطروحًا.. لماذا يكرهون أمريكا؟.. هل لأنها تشعل العالم، ثم تتفرج عليه؟.. طوال تاريخها تشعل الحروب خارجيًا.. ولا تنس حروبها فى ربع القرن الأخير. وحتى الحرب على أوكرانيا من استفزازات أمريكا.. وأتخيل أن الأوكران لا يحبون أمريكا، رغم وقوفها بجوارهم في الحرب، وربما يحبون روسيا أكثر ويحبونها قوية.. لأنها منهم!.
والصين لا تحب أمريكا، وشرق آسيا كله لا يحب أمريكا.. وكوريا الشمالية لا تحب أمريكا ومستعدة لخوض حرب نووية ضدها.. وكل هذا المسؤولة عنه أمريكا نفسها.. وغدًا سوف تتوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا.. لأنها حرب مشروطة بشروط محددة وليست حربًا بين دول أعداء.. ولا هي حرب عن عقيدة، فهم أشقاء في النهاية.. روسيا كانت تدافع عن أمنها القومي فقط!.
فلماذا العالم يكره أمريكا.. هل لأنها تدخل البلاد فتدمرها وتمص دمها وتخرب جيشها وتستغل ثرواتها؟، أم لأسباب تعتمد على سياسة الكيل بمكيالين، أو لأسباب عقائدية؟.. نريد أن نعرف. فى كل الأحوال لا بد من دراسة أسباب الحالة، والاستفادة مما قاله لافروف، في مؤتمره الصحفي الأخير، بأنها تتصرف خارج المنظمة الدولية.. ودخلت العراق بقرار منفرد، وحاربت في أفغانستان دون مبرر.. وتصرفت كأنها شرطي العالم، ولكنها ليست مع الحق!.
وحين تريد أن تطرد روسيا من مجلس الأمن لأنها معتدية ولا تصلح للعضوية الدائمة، فإن هذا الكلام بالضبط ينطبق على أمريكا، غير أنها تجد من يروج لها، ويغنى باسمها.. ومن يؤيدها لا يؤيدها من قلبه، ولكن لأنها تمتلك أوراق اللعبة!.
وبالمناسبة فأنا لا أكره أمريكا ولا أحب روسيا والصين.. فالصين مثلًا لم تقدم نموذجًا يمكن الاعتماد عليه، حال غياب أمريكا.. بالعكس لا فلا الصين قدمت نموذجًا ولا روسيا.. وكلامنا يستهدف تصحيح النموذج أكثر من تمنى فنائه.. أيضًا نحن من أنصار إعادة هيكلة الأمم المتحدة وإعادة النظر فى قصة الفيتو.. الأسلوب الذى أهدر حقوقًا كثيرة لشعوب ودول لا تملك حق الدفاع عن نفسها!.
ويمكنك أن تراقب ردود الفعل على الحرب الروسية الأوكرانية، والربط بينها وبين ما حدث لفلسطين مثلًا… فطالما كانت امريكا ولا زالت تحمي وتساند اسرائيل وتقف ضد الحق الفلسطيني حتى بدأنا ندرك أننا نحارب أمريكا لا اسرائيل و في ظل ما يحدث في غزة الان من حرب إبادة جماعية للسكان نرى أن الأمريكيين يرعون ذلك و يدعموه عسكريا وسياسيا وسط الصمت الدولي والتخاذل العربي المخزي .