كتب – ناهد صبحى
ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة في الجلسة الرئيسية لاجتماعات اللجنة العليا المصرية العراقية المشتركة في العاصمة العراقية بغداد، والتى ترأس الجانب العراقى فيها مصطفى الكاظمي، رئيس وزراء العراق الشقيق، بمشاركة أعضاء الجانبين المصري والعراقي، وعدد من المسئولين الحكوميين بالبلدين.
وفي مستهل كلمته، قدم الدكتور مصطفى مدبولي، خالص شكره وتقديره للجانب العراقيّ، بالأصالة عن نفسه وعن أعضاء الوفد المصري المرافق، عما لمسوه من مظاهر ترحيب وحفاوة استقبال من الأشقاء فى العراق، كما نقل تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وتمنياته للعراق؛ قيادة، وحكومة، وشعباً، بدوام الرفعة والتقدم، وبأن تكلل أعمال اللجنة العليا المشتركة بالنجاح، وتوجيهاته بأن يتم العمل على دعم العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، مؤكدا أن هناك تكليفات واضحة من الرئيس بأن تكون كل الخبرات المصرية فى مختلف المجالات مسخرة للأخوة العراقيين.
وخلال كلمته، أكد رئيس الوزراء أن انعقاد هذه الدورة يأتي في توقيت بالغ الأهمية، والتي تشهد فيه المنطقة تطورات متلاحقة تُلقي بانعكاساتها على كافة دول المنطقة، وهو الأمر الذي يستدعي تعاون مصر والعراق وتضافر جهودهما على كافة المستويات؛ لمواجهة هذه التحديات والمخاطر المشتركة، من خلال إقامة شراكة استراتيجية مبنية على الإيمان بوحدة المصير، والمصالح المشتركة، وعمق العلاقات بين الشعبين الضاربة في جذور التاريخ.
كما أكد الدكتور مصطفى مدبولي على ثوابت السياسة المصرية تجاه العراق، والتي ترتكز على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق وسيادته، ورفض كافة أشكال التدخلات الخارجية في شئونه، أو الاعتداءات غير الشرعية داخل حدوده، مشددا في الوقت نفسه على تفهم مصر الكامل للخصوصيات السياسية والتاريخية والجغرافية للعراق، والتي تؤهله لأن يكون ساحة لتلاقي المصالح وليس لتعارضها، أو للتنافس الإقليمي والدوليّ.
وقال رئيس الوزراء : نحمل اليوم هنا إلى أرض بلاد الرافدين رسالة تضامن وتهنئة للعراق، الذي تمكن ببسالة أبنائه وتضحياتهم من الانتصار على الإرهاب الغاشم، والتغلب على هذا الخطر العالمي الداهم، الذي يهدد كافة دول ومجتمعات العالم، مستدركا بالقول بأن هناك تحديا آخر ماثل أمامنا لا يقل أهمية، يتعلق بمخطط استهداف الدولة الوطنية في منطقتنا، والسعي لتفكيك مؤسساتها ومحاولة فرض حالة الفوضى.
وفي سياق كلمته، أشاد الدكتور مصطفى مدبولي بمستوى التنسيق القائم بين مصر والعراق حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، سواء على المستوى الثنائي، أو من خلال آلية التعاون الثلاثي، كما نسعى لتعزيز العمل العربي المشترك، بما يُسهم في التصدي للتحديات المتعددة، التي تواجه الأمة العربية في المرحلة الراهنة.
كما أكد رئيس الوزراء أن اجتماعات اللجنة العليا المشتركة المصرية العراقية يتم عقدها؛ بهدف تعظيم الاستفادة المتبادلة من خبرات وإمكانات الدولتين، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من تعاونهما في مختلف المجالات بما يعود بالنفع على شعبي البلدين، مستعرضا في هذا الصدد بعض النجاحات، التي استطاعت مصر تحقيقها خلال السنوات الست الماضية، والتي تشكل مجالات متاحة للتعاون المشترك، والتي من بينها تنفيذ برنامج طموح للإصلاح الاقتصادي الشامل بعزيمة قوية ورؤية واضحة، كان وراءه حكمة القيادة السياسية ورؤيتها الثاقبة.
وقال الدكتور مدبولي: أول ما يرد على الذهن من تجاربنا الناجحة هو قدرتنا على تحويل العجز الشديد في الطاقة الكهربائية إلى فائض كبير، بدأنا في تصديره لدول الجوار، وفي فترة زمنية وجيزة، كما أصبح لدى مصر بنية أساسية كانت لازمة لأي استثمارات مستهدفة؛ حيث أنجزت الدولة شبكة طرق قومية متطورة وضعت مصر في المرتبة الثامنة والعشرين عالمياً في مؤشر جودة الطرق، كما أن قناة السويس الجديدة كانت إنجازاً هاماً فتح شرياناً جديداً لتيسير حركة التجارة العالمية.
وأكد رئيس الوزراء أن رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي في التركيز على المشروعات القومية الكبرى، والاهتمام بالبنية الأساسية، أسهمت في تخفيض نسبة البطالة، ودفع معدلات الإنتاج في الصناعات المغذية لقطاع التشييد والبناء، لافتا إلى تقدم مصر 9 مراكز في مؤشر التنمية المستدامة لعام 2020.
وفي نفس هذا السياق، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن مصر والعراق لديهما إمكانات إنتاجية وتصديرية كبيرة، ويجب مضاعفة استثمارها لزيادة حجم وقيمة التجارة البينية، بالإضافة إلى العمل سوياً لإزالة كافة العوائق أمام انسياب البضائع بين البلدين، منوها إلى أن هناك أسطول نقل وشركة مشتركة تتمثل في شركة الجسر العربي، ويمكننا تطوير وسائل النقل والتعاون بين موانئ ومنافذ مصر والعراق والأردن؛ لاستيعاب ما نستهدفه من زيادة كبيرة في حجم التجارة، كما نستهدف زيادة التعاون في مجالات البترول والغاز، بما في ذلك إنشاء شركات مشتركة للصناعات الكيماوية، واستغلال ما تذخر بها بلادنا من ثروات معدنية، وتصنيعها بدلاً من تصديرها في صورتها الخام.
وأعلن الدكتور مصطفى مدبولي عن استعداد شركات المقاولات المصرية للدخول للسوق العراقي؛ للمساهمة في تطوير البنية الأساسية وجهود إعادة الإعمار، وتنمية وتطوير قطاع الإنشاءات والإسكان، خاصة أن هذه الشركات اكتسبت خبرات واسعة ولها إنجازات في الكثير من دول العالم وسُمعة طيبة في الأسواق التي تعمل بها، ويمكن أن تسهم في توفير فرص العمل، ونقل خبراتها للكوادر العراقية في هذا المجال.
كما رحب رئيس الوزراء، في الوقت نفسه، بنقل ما يتوافر لدى الحكومة المصرية من خبرات في مجالات الكهرباء والطاقة، مؤكدا حرص الدولة المصرية على السعي لتكثيف وتنمية التعاون في هذا المجال الحيوي، والذي يعد أساساً لتشجيع أية استثمارات وقيام أية صناعات، لافتا كذلك إلى أن مصر لديها استعداد تام لزيادة التعاون في مشروع الربط الكهربائي مع العراق، وذلك بالتنسيق مع الأردن.
كما أكد رئيس الوزراء أن مصر تتطلع أيضا إلى تفعيل أطر التعاون في مجالات تنمية وتطوير المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر؛ وذلك لما لها من دور كبير في تمكين المرأة والشباب اقتصادياً.
وفي الوقت نفسه، أعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن تطلع الحكومة المصرية أيضاً لإحداث طفرة كبيرة ونقلة نوعية في علاقات التعاون الاستثماري بين القطاع الخاص ورجال الأعمال في البلدين، وتعزيز دورهما الحيويّ في تحقيق النمو الاقتصادي، ورفع معدلات التوظيف وزيادة الدخل القومي، علماً بأن الحكومة المصرية انتهت من إعداد الخريطة الاستثمارية الشاملة، التي تشرح بوضوح فرص الاستثمار الواعدة في كافة المجالات والقطاعات، وتغطي الحيز الجغرافي لأرض مصر، وتوضح ما صدر من تشريعات وقوانين محفزة للاستثمار، معلنا أن باب (الاستثمار الخاص الخارجي) بمصر مفتوح أمام أشقائنا العراقيين على مصراعيه، وسيتم تقديم كل الدعم والمساندة للمستثمرين العراقيين.
إلى جانب ذلك، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أهمية العمل من أجل إقامة مشروعات صناعية مشتركة في المجالات التي يتمتع فيها كل من البلدين بمزايا نسبية، وتصدير إنتاج هذه المشروعات إلى الأسواق، التي يمكن أن تستوعب منتجاتها في المنطقة والعالم، مؤكدا في هذا الصدد استعداد الحكومة المصرية، بكافة وزاراتها وهيئاتها المعنية، للتعاون الكامل مع السلطات العراقية المختصة من أجل تحقيق هذا الهدف.
وخلال كلمته، تطرق الدكتور مصطفى مدبولي إلى ما يعانيه العالم بأسره حاليا من تداعيات جائحة كورونا، وما خلفته من مآسٍ إنسانية وأزمات اقتصادية واجتماعية ومالية، مشيرا إلى أن هذه الجائحة أدخلت الاقتصاد العالمي في حالة من الركود الشديد، وهو ما يستدعي تضامناً وتنسيقاً أفضل لسياسات مواجهة هذه الجائحة بين كل دول العالم.
وفي هذا الصدد، أشار رئيس الوزراء إلى نجاح الدولة المصرية في التعامل مع جائحة كورونا، من خلال وضع بروتوكول للعلاج وتوفير أهم الأدوية، إلى جانب الدخول في مرحلة التجارب على الأمصال المضادة للفيروس، لافتا كذلك إلى مسارعة مصر في هذا السياق إلى تقديم الدعم لكافة الأشقاء من الدول العربية وغيرها من الدول الصديقة ؛ لدعم جهودها في مواجهة تداعيات الجائحة، معلنا استعداد الحكومة المصرية لاستمرار تقديم الدعم ونقل الخبرات والتعاون مع العراق الشقيق في القطاع الصحي والطبي.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي : ما تقوم به الدولة المصرية في مواجهة هذه الجائحة، هو امتداد للنجاح الذي حققته المبادرات الرئاسية في القضاء على فيروس C، وإنتاج علاجه، وكذا مبادرة “100 مليون صحة”، وغيرهما من المبادرات الصحية الأخرى، فضلاً عن بدء تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل.
واختتم رئيس الوزراء كلمته بالإشادة بما تم التوافق المبدئى حوله بشأن أهمية إنشاء آلية النفط مقابل الإعمار، من خلال قيام الشركات المصرية بتنفيذ مشروعات تنموية فى العراق الشقيق، مقابل كميات النفط التى سوف تستوردها مصر من العراق، مؤكداً أن انشاء هذا الصندوق سوف يسهم فى مضاعفة التعاون ويعزز تنفيذ المشروعات التنموية على أرض بلاد الرافدين الحبيبة.
وخلال كلمته أشاد رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمي، بالطفرة التى حدثت بمصر فى عدد من القطاعات، على رأسها الكهرباء والطرق والكبارى والاسكان، مشيرا إلى إمكان التعاون بين البلدين فى هذه الملفات.
كما تقدم رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمي خلال كلمته بالشكر للشعب المصرى والرئيس عبد الفتاح السيسى على شحنة ١٥ طنا من المساعدات الطبية، والتى أرسلتها مصر للعراق، وكذا على قيام مصر بتوفير العلاج المجانى للعراقيين