الفساد يشوه النسيج الاجتماعي من خلال صعود الأقلية على حساب الأكثرية وبشكل غير متكافىء الأمر الذي يؤدي الى حدوث تحولات سريعة ومفاجئه في التركيبة الاجتماعية الأمر الذي يكرس التفاوت الاجتماعي وتراجع العدالة الاجتماعيه نتيجة لهيمنة أشخاص على ثروات ومقدرات الوطن مما يؤدي إلى تدني المستوى المعيشي لأغلبية أفراد المجتمع الذي يدفع البعض منهم إلى ارتكاب الجرائم وبالتالي تعطيل قوة فاعلة بالمجتمع
أن أخطر ماينتج عن الفساد بهذا الصدد هو الخلل الذي يصيب أخلاقيات العمل والقيم الاجتماعية وغالبا مايميزالفساد سلوك الفرد ويجعله يتعامل مع الأخرين بمادية وتغليب المصلحة الذاتية من دون مراعاة للقيم الاجتماعية,وفي كل الأحوال ومهما تفاقم أمر الفساد وصار ظاهرة طبيعية أو كان ظاهرة طارئة فإن هنالك حدوداً لا يستطيع المجتمع أن يتعايش معها كما لا تستطيع الدولة الاستمرار في أداء وظائفها.
ومن هنا تبرز مكافحة الفساد وإنتاج آليات الحد منه انتشار ظاهرة الفساد تعكس ضعف المنظومة الاقتصادية، وللتميز بين الممارسات الفاسدة وغير الفاسدة، فإن الفيصل في ذلك الشفافية والمحاسبة، إذ أن الفساد حتى عندما يتحول إلى ظاهرة عامة، فإن مرتكبيه يمارسونه تحت جنح الظلام ويخفونه عن عيون الناس. والفساد لم يعد مقصوراً على دولة دون غيرها بل أضحى شبه ظاهرة عالمية، وأن اختلفت درجة تفشيه، وبمعنى آخر لا تنفرد دولة دون سواها بالفساد، فالدول على مستوى المعمورة تعاني وبدرجات متفاوتة من مشكلة الفساد.
ففضائح الفساد شملت، اللجنة الأولمبية والمفوضية الأوروبية. والفساد يكتسب أشكالاً عدة بما في ذلك الرشوة والمحاباة والمحسوبية ونهب أموال الدولة، والتهرب الضريبي، وتبييض الأموال، وتزوير الانتخابات، والمقصود بالرشوة التماس المال من قبل الموظف أو المسؤول لقاء تقديم الخدمات، لدافعي الرشوة، كتنظيم العقود الحكومية، وتخفيض الضرائب، والحصول على التراخيص الحكومية، وإقدام بعض موظفي الدولة على سرقة المال العام، وهم المؤتمنون عليه.
يتناسب الفساد طرداً وضعف الأجور والرواتب التي يتقاضاها الموظفين الحكوميين، الذين تنفتح شهيتهم، فيتورطون في الممارسات الفاسدة، وكلما قل احتمال انكشاف الفساد، وكلما انخفض الثمن المدفوع لدى انفضاحه كلما زاد احتمال حصوله.
كما تتسع رقعة الفساد في الأنظمة التي تحتكر المؤسسات الاقتصادية المفصلية التي تهيء للمسؤولين فرصاً مواتية لمعرفة ما هو مستور من الأمور، فيستغلونها لتحقيق مصالحهم الشخصية الضيقة، ومصالح الفئات التي تتحالف معهم. وتتصل العوامل الاقتصادية اتصالاً وثيقاً بالعوامل البيروقراطية، التي تؤسس لعلاقات اقتصادية، تتسم بالاستغلال نتيجة غياب المشاركة والشفافية والمحاسبة، حيث تستغل العقود الحكومية والإعفاءات الضريبية لتحقيق المنافع الشخصية.
وأخيرا …إذا ما تمسك كل منا بحقوقه التي يتفرع عن كل حق منها أربعة واجبات تتمثل: بوعي ومعرفة الحقوق، وممارسة هذه الحقوق، وحمايتها والدفاع عنها، ومراعاة حقوق الآخرين، وإذا ما أدى كل منا واجباته وفقاً لما تمليه أخلاقيات الوظيفة العامة، فإن مساحة الفساد ستنحسر انحسارا شديدا.
بقلم : الباحثة ميادة عبد العال