مضي عام من مواجهة التحديات الإقتصادية المريرة والإرث الثقيل التى ورثته الحكومة المصرية نتيجة اتباع سياسة المسكنات لمدة ثلاث عقود بدون مواجهة فعلية للامراض المزمنة التي اودت بحلم المصريون في حياة رغدة الي واقع اليم من المعاناة وقدواجهت الحكومة المصاعب في بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي والإجراءات النقدية، وكان أبرزها قرار تحرير سعر الصرف الذي قوبل بانتقادات كثيرة حيث اشار معظم الخبراء الاقتصاديين ان تحرير سعر الصرف سيزيد معاناة المواطن المصري في غلاء الأسعار وبالفعل ففي هذه المواجهة الشرسة انخفضت قيمة الجنيه المصري امام الدولار الامريكي في الاشهر الماضية الي ان قارب العشرون جنيها وزادات المعاناة اليومية للمواطن المصري وترقب المصريون نتائج برنامج الإصلاح ففي الشهر الجاري تراجع سعر الصرف اربعة جنيهات وهو تقدم ملموس بسبب إجراءات اتخذتها الحكومة حيث قامت وزارة المالية باتخاذ قرارا بتثبيت سعر الدولار الجمركى عند مستوى 16.00 مقابل 18.5جنيه مصريو ايضا إصدار السندات السيادية من الدولار في أسواق المال العالمية، وإقبال المستثمرين الأجانب على شراء أذون الخزانة المصرية. وتراجع الواردات الناتج عن تأثر حركة التجارة العالمية بموسم العطلات الصينيةوتوقف البنك المركزي المصري عن عمليات الشراء المباشر للدولار من الأسواق ثم بادر المستهلك في البحث عن بدائل محلية لكل ما هو مستورد، مما أدى إلى تراجع الطلب على الدولارمن قبل المستوردين.وايضا تراجع الدولار مقابل أغلب العملات الرئيسية متأثرا بحالة الشك تجاه سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة والتصريحات الأخيرة لرئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي، الخاصة برفع الفائدة وعامل اخر وهو ارتفاع تحويلات العاملين بالخارج من المصريين من خلال جمع البنوك في مصر وتراجع الواردات السلعية.ولمسنا زيادة موارد البنوك من العملة الأجنبية ، فيما قامت البنوك المصرية بتنفيذ عمليات التجارة الخارجية في السلع الغذائية والتموينية الأساسية إضافة إلى الآلات والمعدات ومستلزمات الإنتاج والأدوية.
ولكن الخطورة تكمن في ارتفاع معدل الإنفاق الاستهلاكي باقتراب شهر رمضان الذي يستهلك فيه المصريون كميات كبيرة مقارنة باستهلاكهم بباقي الأشهر وايضا موسم العمرة بشهر رمضان والإقبال الكبير في بيع الجنيه المصري مقابل الريال السعودي ونري ان اشتعال الأسواق ناتج عن عدم قدرة الحكومة على التدخل لضبط السوق، لقلة المعروض وزيادة الطلب، وبالتالي لن تنجح الحكومة في ضبط الأسعار إلا إذا تمت زيادة المعروض حيث يجب ان تتدخل الحكومة بتحديد هامش ربح للتجار أو تحديد الأسعاربحيث يقوم البرلمان باصدار قانون بتفعيل وضع أسعار للسلع تلزم التاجر بتسعيرة موحدة ويجب وضع آليات وقواعد صارمة فورية للمنافسة لحماية المستهلك من الممارسات الاحتكارية من خلال تخفيف القيود المفروضة على منح التراخيص الصناعية لتوسيع دائرة المنافسة مما سيؤدي لدعم خطة التنمية الصناعية ودعم برنامج صنع في مصر الذي سيضع المنتجات المصرية بتنافس مع المنتجات المستوردة وبدوره سيجعل المستهلك المصري يري اكثر من منتج يجعله يتكيف مع حد الإنفاق الشهري المرتبط بدخله وبذلك تكون الحكومة اتخذت خطوات ايجابية اخري في زيادة المعروض المصري الذي سيتيح لرجال الأعمال البدء في الخطط التصديرية بالمعايير العالمية للتمكن من المنافسة بالاسواق العالمية.
لان الإصلاح الإقتصادى هو كافة التشريعات والإجراءات التي تسهم في تحرير الاقتصاد الوطني، والتسيير الكفء له وفقا لآليات السوق، بما يمكنه من الانتعاش، وبما يسهل تكامله مع الاقتصاديات الإقليمية، واندماجه في الاقتصاد العالمي وبذلك نري ان الإقتصاد المصري في الخطوات الأولية لتعافيه ولكن يجب اتباع الخطط والإجراءات الاحترازية التي تجعل هذا التعافي حقيقى
بقلم : د. محمد حمزة الحسينى
اللجنة الإقتصادية بالجمعية المصرية للأمم المتحدة