كتب- محمد الغريب
أعربت الجمعية الوطنية و المنظمات الشريكة المصرية والإفريقية عن بالغ قلقها ازاء استمرار المنهجية المسيسة للتقارير المتعلقة بالشأن المصري الصادرة عن بعض من المنظمات الحقوقية الدولية، فسابقا كانت منظمة العفو الدولية تمنح غطاء شرعي يدعم بعض الاطراف المشاركة في اعمال عنف مسلح ضد الشعب المصري بشكل مخالف لما هو متعارف عليه من منهجية عمل المنظمات الحقوقية في العالم ودورها المستقل في رصد وتوثيق إنتهاكات حقوق الانسان دون انحياز لطرف على حساب الاخر ، و ان يكون الانحياز الوحيد لمبادئ حقوق الانسان و ضحايا انتهاكات حقوق الانسان .
حيث فوجئت الجمعية الوطنية و المنظمات الشريكة باعلان واحدة من كبرى المنظمات الدولية لتقرير يتعلق بالشأن المصري و تعيد تكرار ذات الاخطاء المتمثلة فى عدم الاستقلالية وتحرى االدقة في رصد الانتهاكات الامر الذي يساهم دون شك في دعم الارهاب توفير غطاء له وكذلك مساعدة الارهابيين فى الافلات من العقاب.
حيث اصدرت منظمة هيومان رايتس ووتش مؤخرا تقريرا بعنوان “عمليات قتل مشبوهة وإعدامات خارج القضاء على يد قوات الأمن المصرية ” والذي تبنت فيه المنظمة وجهة نظر اعضاء جماعة الاخوان المسلمين متبنية رواية واحدة بأن هناك عدد من حالات القتل خارج اطار القانون في محاولة لاظهار ان قوات الامن المصرية قامت بهذه الجريمة و انه لم يكن هناك ثمة تهديد لحياة جنود و افراد قوات الامن و ان اطلاق النيران من جانب الاخيرة جاء لتصفية المنتسبين للجماعات المسلحة واستند في ذلك الي شهادات غير موثقة مع ربطها بحالات للاختفاء القسري .
و في هذا السياق، أكدت على أن الدولة المصرية ارتكبت و لاتزال انتهاكات عدة لحقوق الانسان ولكن ليست بالصورة التي صورها تقريرا الووتش، فهناك العديد من التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية المصرية سواء بالداخل او الخارج ترصد وتوثق تلك الانتهاكات باشكال عدة و قد تتفاوت الرؤى فيما بينهم بشأن اليات ومنهجية العمل الحقوقي والقانوني الا ان تلك التقارير – وخاصة منظمات الداخل – تأتي ببيانات ادق واوضح و اكثر مصداقية و توثيقا مما تبنته منظمة الهيومان رايتس ووتش.
كما أعربت الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق و الحريات و المنظمات الشريكة عن بالغ قلقها ازاء انحراف معايير بعض المنظمات الدولية لحقوق الانسان و التي قد تؤدي – بقصد او دون قصد – الي منح غطاء شرعي لحاملي السلاح في مواجهة الدولة المصرية ، و ذلك من خلال تبني شهادات ذات توجه سياسي بحت دون تقصي كامل الحقائق، ومما يزيد الامر سوءا هو نقص البيانات والمعلومات الصادرة عن الدولة المصرية بما يسمح بتمرير رواية الجماعات الارهابية.
ومما يؤكد على هذا الامر استخدام بعض العبارات و المصطلحات التي تعبر عن التوجه السياسي للتقرير مثل استخدام عبارت انتفاضة 2011 م والانقلاب العسكري 2013م بدلا من استخدام مصطلحي ثورة يناير او ثورة 30 يونيو . كذلك استخدام لفط الجنرال و الجنرالات العسكريين في النسخة العربية من التقرير وهو استخدام سياسي متعارف عليه في ادبيات الكتابة السياسية في حين ان التوصيف الحقوقي للرتب العسكرية يكون بالالفاظ المستخدمة في الدولة موضوع التقرير و يمكن ان يتم تعريف المقصود بالرتبة العسكرية .
على جانب اخر قامت المنظمة في تقريرها باجتزاء بعض العبارت من سياقها او استعراض بعض الموضوعات دون اتمام الاستعراض و الاكتفاء بالنقاط التي تخدم على فكره التقرير وما انتهى اليه ،
فقد استشهد التقرير في واقعة الاختفاء القسري بالمجلس القومي لحقوق الانسان في مصر الذي طالب الدولة المصرية متمثلة في وزارة الداخلية باجلاء مصير عدد من المختفيين قسريا وهذا امر محمود ان تقوم مؤسسة وطنية مصرية في الاشتباك مع هذه القضية عند طرحها ، الا ان التقرير لم يذكر اي من الردود التي اجلت حقيقة عدد مما اتت اسماءهم في استعلام المجلس القومي لحقوق الانسان فكنا نتمني ذكر الردود من اجل الشفافية والاستقلالية التي دائما ما ننشدها .
استشهد التقرير ببعض التصريحات السياسية و التي تم اجتزائها من موضعها فمثلا تم اجتزاء تصريح رئيس الجمهورية في شأن عدم محاكمة المتهمين في قضايا الارهاب امام القضاء الطبيعي و اعتبروا الامر على انه تصريح بالتعامل الامني مع المتهمين بالقتل ،في حين ان التصريح يتعلق بتعديل المنظومة التشريعية و المحاكمات الاستثنائية و تشكيل دوائر طوارئ ارهاب و على الرغم من رفضنا القاطع للمحاكمات الاستثنائية الا ان التصريح لم يكن الغرض منه تفويض بالقتل كما حاول ان يصورة التقرير.
شهد التقرير ايضا تناول عدد من القضايا المختلفة الخاصة مثلا فض رابعة و ان احداث فض رابعة قد ادت مقتل مايقرب من 817 الا ان التقرير قد تجاهل الاشارة الي ما جاء في تقرير المجلس القومي لحقوق الانسان والخاص باحداث فض رابعة والذي صدر في عام 2014 بعد توثيق حقيقي مع من تواجدوا اثناء الفض والذي خلص الي اثبات ان ما تم من فض كان باجراءات سليمة وان الاعتصام كان مسلحا وان اول قتيل كان من افراد الامن كما اكد التقرير ان الامن وفر ممرات امنه للخروج من الاعتصام بشكل امن هذا ما جاء في تقرير المجلس والخاص بفض رابعة والذي انتهي الي ان عدد ضحايا احداث فض اعتصام رابعة العدوية هو ” 632 مدني وشرطة ” مما يؤكد ان تقرير المنظمة افتقد الي التوثيق والتدقيق وتنوع المصادر مما ادى الي تبني وجهة نظر واحدة ادت الي خروج التقرير بهذه الصورة
الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات والمنظمات الشريكة تؤكد علي اهمية دور المجتمع المدني في غرس مفاهيم حقوق الانسان والدفاع عن الضحايا والتزام المنظمات بالحيادية والاستقلالية في رصد وتوثيق الانتهاكات من خلال تنوع المصادر والتمسك بالفاظ حقوقية واضحة الا ان هذه المعايير غابت عن المنظمة المذكورة في تقريرها الاخير وللاسف اصبح منهج المنظمة هو دعم العنف والارهاب واعطاءة الغطاء الحقوقي مما يهدم الاستقلالية بشكل كامل فلا يجب ان يصدر من منظمة حقوقية دولية هذا الكم من الاخطاء .
كما شددت على أن الفتره التي سبقت اصدار قانون الجمعيات الاهلية الحالي لعبت دورا هاما في تراجع دور المنظمات الحقوقية المصرية وادى الي انكماش الحركة الحقوقية في مصر بما ادى الي عدم وجود مصادر متنوعة للمعلومات او البيانات بشأن انتهاكات حقوق الانسان و هو الامر الذي ادى – دون شك – لوجود مثل تلك التقارير المسيسة.
الجمعية الوطنية و المنظمات الشريكة تطالب الدولة المصرية وتحديدا وزارة الداخلية المصرية و البرلمان المصري والناءب العام ووزارة الخارجية واللجنة الداءمة لحقوق الانساان والمجللس القومى لحقوق الانسان بالعمل دائما على الرد عن تلك الاستفسارات التي ترد اليهم في شأن ملفات انتهاكات حقوق الانسان ، و الاعلان عن نتائج التحقيقات في تلك القضايا ، وعلى منظمة الهيومان رايتس ووتش ان تعمل على مخاطبة النائب العام المصري ببلاغات تتضمن قضايا موثقة لتمكن النيابة العامة من التحقيق فيها ولكن اعتماد اسلوب الرواية الصحفية لن يمكن النيابة العامة من فتح اية تحقيقات في اي من تلك الحالات.
على المجلس القومي لحقوق الانسان ان يقوم بفتح قنوات اتصال مع كافة المنظمات الدولية التي تهتم بالشأن المصري للتواصل معهم بِشأن البلاغات و الانتهاكات التي تتعلق بالوضع المصري.
وحذرت الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات و المنظمات الشريكة المصرية والافريقية انه لا يجب ان يكون ملف حقوق الانسان مساحة للصراع او المكايدة السياسية وهو الامر الذي يفقد قضايا حقوق الانسان أهيمتها ويحوله من الية للدفاع عن المواطنين و حمايته إلى الية للابتزاز السياسي وهو الامر الذي يؤدي الي منح الجماعات الارهابية غطاء شرعي للجرائم التي يتم ارتكابها من ناحية و من ناحية اخرى استمرار انتهاكات حقوق الانسان دون توفير اي مظلة للحماية