كتب: محمد حنفي الطهطاوي
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن إكراه غير المسلمين على الدخول في الإسلام من الأمور المنهي عنها في الشريعة الإسلامية؛ لأن الإسلام لا يعترف بالعقيدة المفروضة تحت تهديد السلاح، ولا يعترف كذلك بالعقيدة المُجتلبة عن طريق بريق الذهب والأموال.
وأضاف مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الله -عز وجل- نهى في العديد من الآيات القرآنية عن إكراه الغير في الدخول إلى الإسلام، ومن هذه الآيات قول الله تعالى في سورة البقرة: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ»، وقوله جل شأنه في سورة الكهف: «وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖفَمَن شَاءَفَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ».
وهناك ميثاق نبوي خالد، أقره نبي الإسلام – صلى الله عليه وسلم – في كتابه الذي كتبه إلى الحارث بن كعب، والذي جاء فيه: «هذا كتاب كتبه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، رسول الله إلى الناس كافة، بشيرًا ونذيرًا، ومؤتمنًا على وديعة الله في خلقه، ولئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل والبيان، وكان عزيزًا حكيمًا.. للسيد بن الحارث بن كعب ولأهل ملته، ولجميع من ينتمي دعوة النصرانية في شرق الأرض وغربها، قريبها وبعيدها، فصيحها وأعجمها، معروفها ومجهولها، كتابًا لهم عهدًا مرعيا، وسجلًا منشورًا، سنّة منه وعدلًا، وذمة محفوظة، من رعاها كان بالإسلام متمسكاً، ولما فيه من الخير مستأهلًا، ومن ضيّعها ونكث العهد الذي فيها، وخالفه إلى غيره، وتعدّى فيه ما أمرت، كان لعهد الله ناكثًا، ولميثاقه ناقضًا، وبذمته مستهينًا، وللعنته مستوجبًا..»، إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: «ولا يجبر أحد ممن كانوا على ملة النصرانية كرهًا على الإسلام، ويخفض لهم جناح الرحمة ويكفّ عنهم أذى المكروه حيث كانوا، وأين كانوا من البلاد».
وأشار مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إلى أن محاولات بعض المتشددين إجبار غير المسلمين على الدخول في الإسلام، منافية لصحيح الشرع، وللنصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي نهت عن ممارسة أي نوع من الإكراه سواء كان ماديا أو معنويا لإجبار الغير على اعتناق الدين الإسلامي؛ مؤكدًا أن العقيدة لا تُفرض، وأن إكراه الغير على الإيمان لا يصنع إنسانًا مؤمنًا، ولكنه يصنع جيلًا من المنافقين.
وقد روى عن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – أن امرأة يهودية عجوز جاءته تشتكي إليه فقرها وعجزها عن علاج ابنها المريض، فأخذها الفاروق إلى بيت مال المسلمين وفرض لها ما يكفيها ويكفي علاج إبنها، ففرحت المرأة وشكرته، ولما رأى عمر الرضا والسرور على وجه المرأة قال لها مشفقًا عليها: «يا أمة الله، إني أدعوك إلى الإسلام ففيه خيرا الدنيا والآخرة»، فقالت اليهودية في حرية وأمان: «أما هذه فلا يا أمير المؤمنين»، فما كان من عمر إلا أن ندم، وخاطب نفسه مؤنبًا إياها: «يا عمر.. أليس هذا من الإكراه في الدين؟»، ثم سُمع وهو يقول بصوت مرتفع: «اللهم أشهد أني أبرأت ذمتي من إكراهها على الدخول في الإسلام».
والنصوص القرآنية والأحاديث النبوية والروايات التاريخية الناهية عن إكراه الناس على الدخول في الإسلام، كثيرة جدًا، وجميعها تدور في سياق الخطاب الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ».
وتأتي فتوى النهي عن إكراه غير المسلمين على الدخول في الإسلام، لأنها منافية لصحيح الشرع، وللنصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي نهت عن ممارسة أي نوع من الإكراه سواء كان ماديا أو معنويا لإجبار الغير على اعتناق الدين الإسلامي؛ ضمن الحملة التوعوية التي أطلقها مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، تحت عنوان: «شركاء الوطن»، وذلك تزامنًا مع بدء احتفالات الأخوة المسيحيين بأعيادهم.
وتهدف الحملة إلى ترسيخ مبادئ المواطنة والعيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد؛ بالإضافة إلى إظهار صورة الإسلام الوسطي الصحيح، وإبراز تعالميه السمحة التي شرعها لأتباعه فيما يتعلق بالتعامل مع الإخوة المسيحيين، وتفنيد جميع الشبهات التي يثيرها عناصر الجماعات الإرهابية والمتشددون ضد شركاء الوطن، وما شابه ذلك من مزاعم وادعاءات الإسلام منها بريءٌ.
وتوضح حملة «شركاء الوطن»، الحقوق الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية لأهل الكتاب في الدول الإسلامية، وأحكام التعامل مع غير المسلمين بالبيع والشراء، وتهنئتهم بأعيادهم، وزيارتهم، وأكل طعامهم، واحترام مقدَّساتهم، وترد بشكل مفصل على الفتاوى الشاذة والمتطرفة التي يطلقها البعض في هذا السياق، وغير ذلك من القضايا الهامة التي تشغل الأذهان، والتي تتجدد على الساحة في بداية كل عام ميلادي.
ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إذ يطلق هذه الحملة بُغية تصحيح مفاهيم خاطئة، والرد على فتاوى شاذة ومتطرفة عانت منها الإنسانية على مدار سنواتٍ طوال، فإنه في الوقت ذاته يهيب بالجميع أن يكفوا ألسنتهم عن إطلاق الأحكام الشرعية دون سند أو دليل، وأن يتركوا أمر الفتوى للمتخصصين من العلماء، وألا يزجوا بأنفسهم في أمور هم ليسوا لها بأهل، وأن يتوقفوا عن إشعال نار الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد، وأن يتركوا الجميع ينعمون بطيب العيش تحت ظلال المواطنة والعيش المشترك.
ويستقبل مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، اتصالات المستفتين من الساعة 9 صباحًا وحتى 4 عصرًا على الرقم: «19906»، وعلى مدار اليوم عن طريق استقبال الرسائل القصيرة والرد عليها على الرقم: «1020»، ويمكنكم متابعة الحملة على السوشيال ميديا عبر الرابط التالي :WWW.FACEBOOK.COM/FATWACENTER، أو على وسم المربع – الهاشتاج -: #شركاء_الوطن.