وداد محمد كامل
مترجمة وباحثة في الاستشراق الإسرائيلي الحديث
هل إحتاجت إسرائيل لقانون قومية وهي التي ضربت بكل معاني القومية عرض الحائط منذ اتفاقية أوسلو وما قبلها، لماذا تشعر بحاجة إلى الظهور كدولة عديمة الثقة بنفسها وبانتمائها إلى حد إصرارها على تأكيد هويتها.
يضم قانون القومية اليهودية أو تحديداً “قانون الدولة القومية لليهود في إسرائيل” 15 بند هم بمثابة وأد للديموقراطية في الأراضي المحتلة، حيث يمنح اليهود فقط ممارسة حق تقرير المصير في البلاد ، قانون يؤكد على يهودية الدولة بدون التطرق للديموقراطية ولو تطرق صوري.
تم التصديق على قانون القومية اليهودية من قبل الكنيست الإسرائيلي في 19 يوليو 2018، أقر الكنيست الإسرائيلي القانون بأغلبية 62 ومعارضة 55 وبامتناع نائبين عن التصويت.
اذن.. فلماذا تحتاج إسرائيل لقانون ليؤكد على هويتها؟
إن الهدف الأساسي من القانون هو تحول مشروع إسرائيل من الاستعمار الاستيطانى الصهيونى في فلسطين إلى أيديولوجيا. بداية ذلك كانت عام 1897 حيث «مؤتمر بازل» ثم بإقامة الكيان عام 1948، تمت ترجمة الأيديولوجيا بالتشريع القانونى من خلال ما يسمّى (قانون القومية) ليل 17 يوليو وصبيحة 18 يوليو 2018.
والحقيقة أنه بعد اتفاق أوسلو 1993 تنامى الوعى الوطني ــ القومى لدى الشعب الفلسطينى الواقع فى أسر الاحتلال منذ 1948، ثم تنامى هذا الوعى مرات أخرى، على إثر «الانتفاضة الأولى» – انتفاضة الحجارة ــ لعام 1988، ثم فى سياق «الانتفاضة الثانية» ــ للأقصى والاستقلال ــ منذ 2001 حتى 2004، وما تلاها. وخاصة عام 2013 بدأ طرح المشروع الذي سيحول صورة الأيديولوجيا-الوهم- إلى قانون مُشّرع ذاتياً، يضعه الإسرائيلين لأنفسهم من أجل حمايتهم من الأخر-العدو (العربي في المقام الأول).
أيضاً هناك سؤال أخر لا يقل أهمية عن السؤال السابق، ما مدلول ربط القومية بالدين؟ أليست اليهودية ديانة ؟ ألم يصنف ذلك تسيس للدين؟
وتتلخص إجابة هذا السؤال فى أن الصهوينة وكيانها المزعوم نشأتا على إعتبار اليهود جماعة قومية – تحديداً إثنية- جماعة منفصلة عن الأمم التي تنتسب لها تاريخياً. قومية عنصرية متعالية على العرب والشعب الفلسطينى، تجيز طردهم والقضاء عليهم، بل واستئصالهم عضويا.
وأخيرا لقد تم القضاء على حل «الدولة الواحدة ثنائية القومية»، ثم استحالته صهيونياً بفعل إقرار «قانون القومية» الأمر الذي أخذه اليمين الآيديولوجي والتيار الديني الصهيوني العقائدي بجدية كمرحلة جديدة في تاريخ إسرائيل، وسعى لترجمته إلى مشاريع عملية لتقليص عدد الفلسطينيين في إسرائيل (الأراضي الفلسطينة المحتلة) وفي الضفة الغربية، وتوسيع نطاق تهويد الأرض العربية، وتعزيز الاستيطان اليهودي الاستعماري. ومصير مثل هذه المشاريع تعميق الصراع وتشديد التصادم الحربي بأشكال عدة، بعضها معروف ومجرّب، وبعضها الآخر جارٍ استنباطه من طرق الإنتفاضات التي تزداد قوة في كل مرة أكثر من سابقتها ، وكلها تضمن استدامة الصراع الدامي.