بقلم- الدكتور علي الأزهري عضو هيئة التدريس بالأزهر
قالت النائبة : منى منير ـ يجب علينا أن نحرق مناهج الأزهر؛ لأنها تخرج الإرهاب، وذلك عقب التفجير الذي وقع في المنيا واستهداف الآمنين، واسترسلت في كلامها، وفي مداخلة على قناة دريم –العاشرة مساءً- بدأت ترد على السؤال الذي وجهه لها الإعلامي –وائل الإبراشي- عندما سألها : أين هذه الكتب التي تفرخ الإرهاب، فقالت له على سبيل المثال : كتاب ابن شجاع ! ولا أعلم في حياتي كتابًا يُسمى بهذا الاسم، ثم لما سألها أين هذا الكلام ؟ فقالت سمعته من الأستاذ : أحمد عبده ماهر ـ والنائبة لا تُجيدُ إلا السماع، فضلًا عن عدم معرفتها اسم الكتاب ولا تخصصه، وسأطرح عليها مناهج الأزهر التي تفرخ الإرهاب، وسأسوق لكِ اسم الكتاب ورقم الصفحة ونص الكلام دون بتر حتى نقف على حقيقة مناهج الأزهر الإرهابية، وأنا أُمسك بمحبرتي وأُسطرُ كلماتي
هذا كتاب مقرر على الصف الثالث الإعدادي كتاب يُسمى (أصول الدين)، في صفحة (66) الموضوع الخامس بعنوان : (جزاء المفسدين في الأرض) قال تعالى : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)(المائدة:33)، يحاربون : المحاربة من الحرب، وهي ضد السلم، والمراد بها هنا : قطع الطريق على الآمنين، فسادًا : الفساد ضد الإصلاح، ….، المعنى للآية : إن الإفساد في الأرض من أشد الجرائم خطرًا، حيث إنها هادمة لبُنيان المجتمع وأمنه، من هنا جاءت العقوبة على قدر الذنب، والجزاء من جنس العمل، وقد جُعل هذا النوع من العدوان محاربةً لله ورسوله؛ لأنه إعتداء على حقوق الناس وأموالهم وأعراضهم، ولذا جاز لحاكم المسلمين أن يقتلهم إن قتلوا، أو يصلبهم إن جمعوا بين أخذ المال والقتل، أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، إن اقتصروا على أخذ المال، أو ينفيهم من الأرض إن أخافوا الناس وقطعوا الطريق عليهم، هذا عقابهم في الدنيا، وفيه خزي لهم وكسر لشوكتهم، وأي خزي أشد من أيروا وقد قُطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ؟ أو يراهم الناس مصلوبين أو محبوسين، أو مُبعدين في أقاصي الأرض ؟ أما عقابهم في الآخرة فهو العذاب العظيم الذي لا يستطيع أحد تحمله .
أزيدك من الشعر بيتًا : في ذات الكتاب الصفحة (85) الموضوع التاسع (مجادلة أهل الكتاب) قال تعالى : (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)(العنكبوت:46)، ولا تجادلوا : المجادلة والجدل، الحِجاج، والمناظرة، والمناقشة، أهل الكتاب: اليهود والنصارى، إلا بالتي هي أحسن : إلا بالطريقة التي هي أحسن، والمعنى : ولا تحاوروا ولا تناقشوا – أيها المؤمنون- اليهود والنصارى إلا بالطريقة الحسنة، بأن نرشدهم إلى طريق الحق بأسلوب لين كريم، ….الإسلام يُقر حرية الرأي والتعبير والاعتقاد (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)(البقرة:256).
وإليكِ جملة من روائع الهدي النبوي : في صفحة (131) من الكتاب سالف الذكر وتحديدًا الحديث العاشر –رعاية حقوق غير المسلمين- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا ). (رواه البخاري)، المعاهد : من له حق الأمان، لم يرح : لم يشم، والمعنى : يُحذر النبي –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث من قتل المعاهد، وهو : من كان له مع المسلمين عهد شرعي، سواء كان بعقد أمان، أو هدنة من سلطان أو حاكم، أو أمان من مسلم أو مسلمة، والحديث يبين أن عقوبة من قتل معاهدًا جزاؤه أن لا يشم رائحة الجنة، والحديث فيه تحريم الغدر في الإسلام، ووخيم عاقبته.
وإليك مسك الختام : في صفحة (156) الحديث الثامن عشر الرفق بالحيوان : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ ـ (رواه البخاري ومسلم)، وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْرًا، فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ “، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي البَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ: «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» رواه البخاري جـ3 ـ صـ 111 ـ 112 ـ حديث رقم 2363، إذا كان هذا هو الحال مع البهائم بل والكلاب النجسة فهل يمكن أن يحرض الإسلام على قتال البشر ؟؟؟
هل لكِ بعين الإنصاف أن يشهد لسانكِ بالحق : يقول المؤرخ الدكتور عزيز سوريال عطية في كتابه تاريخ المسيحية الشرقية في الصفحة (107) (ومجمل القول إن الأقباط تحت مظلة الحكم العربي قد حافظوا على تراث أجدادهم، كما نظر إليهم الحكام العرب وجيرانهم المسلمون بكل تقدير واحترام، ومن ناحية أخرى اندمج الأقباط لعنصر إيجابي في جسم الأمة العربية الإسلامية، دون أن يفقدوا هويتهم الدينية أو تراثهم العريق) .