تنظر إلى الآخرين بعين كارهة ناقمة مهما فعلوا، فتبحث عن مساوئهم وتتجاهل المحاسن، فإن وجدت في شخص مجموعة من المحاسن وبينها سئية واحدة فلا ترى إلا السيئة انها النفس الخبيثة…..قد ذمّ الله سبحانه وتعالى كثيراً من الناس والأقوام الذين قست قلوبهم، ومدح من رأفوا، وجعل لنفسه صفة الروؤف؛ حتى يسعى الناس للعمل بها.
النفس الخبيثة لتي تحرض وتحض صاحبها علي فعل المنكرات , وما من قبيح عمل مستهجن إلا وتزينه وتلبسه حلة العظمة. والكبرياء, ولسان حالها يقول: يا أرض اشتدي ما في حدا مثلى وقد انطبقت هذه النفس على قارون , لأجل ذلك خسف الله تعالى به الأرض وابتعلته, لأنّ قارون لو كان يعلم أن الكبرياء رداء الرحمن والعظمة ازاره جلّ وعلا كما جاء في الحديث القدسي الجليل, ما تجرأ وانتحل هاتين الصفتين اللتين لا تليق الا بالخالق جل وعلا , يقول الله تبارك وتعالى: الكبرياء ردائي والعظمة ازاري من نازعني فيهما أدخلته ناري.
وهو ما أثبته علماء النفس والفلاسفة بأن الإنسان الطبيعي لديه استعداد كامل للخير والشر في آن واحد ولا مكان للمجرم الخالي تماما من صفات الخير وإن قلت ولا الإنسان الخير الذي لا ينازعه الهوى ولو وجد إنسان كامل الخير بة لأصبح ملكا يطير في السماء ولا يأكل الطعام ولكن النفس البشرية تحمل في رحابها الفسيحة عملاق شرير يجنح لكل ما يخالف النظام والطبائع السوية ينازعه ملك رحيم يرشده ويوجهه وهما في معركتهما منذ بداية الإدراك حتي خروج الروح لبارئها. أن غلب الخير أصبح الإنسان خير وأن تغلب الشر يصبح شريرا .
ومع ذلك لا يوجد من هو كامل الخير ولا الشرير الذي لا يعرف الخير إلي قلبه سبيلاً. كثيرا ما تجد الصراع النفسي الرهيب ما بين الخير والشر وهل للخير تميل أم للشر تجنح وهو ما أبدع الفنان العظيم شكسبير في رسمه وتوصيفه بدقة متناهية في مشهد ماكبث ذلك القائد النبيل الذي ساق الله له امرأته الخبيثة لتوقظ في نفسه المارد الشرير وتبعث فيها الأمل الذي لا يخلو من طمع وجشع. وخير ما كتب عن الصراع النفسي ما سطره وسجله لنا التاريخ من كتابات شكسبير في المشهد الذي يحمل ماكبث السكين ويهم بقتل الملك ليستولي علي عرشه.
يالله ما أجمل بديع كلامك هل كان شكسبير خبير نفساني حتي يكتب لنا كل هذه الملامح البشرية التي لم تكن أي دراسات أو بيانات متاحة في وقته عن النفس وصراعها الداخلي بين الخير والشر. والأمر العجيب أنني كلما ظننت وكثيرا ما خاب ظني أني قد تعرفت علي نفسي واصطلحت معها أجدها تخفي عني أكثر مما تبدي لي وأراها تشح علي بهويتها وكيفية التغلب عليها في وسط الفرحة والحبور أجدها مكروبه ومحزونة وأحدثها لما يا نفسي الحزن والكآبة وأنا سعيد فتقول أخشي زوال النعمة وتبدل الحال وفي أحلك الظروف وأتعسها أجدها تواسيني وتسليني بقضاء الله وقدره وتبشرني بمثابة من الله وفضل. وفي مرات عديدة تستمع بفرحي وتتألم لحزني. رحمك الله.
أن طبيعة الجحود والنكران والجفاء وكفران النعم غالبة على النفوس ، فلا تصدم إذا وجدت هؤلاء قد كفروا جميلك ، وأحرقوا إحسانك ، ونسوا معروفك ، بل ربما ناصبوك العداء..
بقلم : الباحثة ميادة عبد العال