لاشك أن العاملين فى مجال الإعلام فى الوقت الحالى يعانون أزمات لا حصر لها والقطار يسير بأقصى سرعة نحو السقوط فى الهاوية ، لذلك أصبح لزامًا علينا دق ناقوس الخطر ورفع شعار “انتبهو أيها السادة” ليس هكذا يدار ملف الإعلام ولا بهذه الطريقة التي سمحت لمجموعة بالتحكم فى مسار تنوير الرأى العام، الغالبية العظمى منهم لم تقرأ كتابًا واحدًا خلال مسيرتها، وإذا قرأت لن تفهم ولا تملك الثقافة التى تؤهلها للجلوس بالساعات أمام الشاشات وتوجيه الرأي العام، ولكن لأنهم من المرضِي عنهم داخل مؤسسات الدولة، لإجادتهم فن النفاق والتملق والأكل على كل الموائد أصبحت برامجهم فى صدارة المشهد الإعلامي .
الأزمات الأخيرة أثبتت أن الإعلام المصرى مُغيب أو غُيّب عن عمد، وفي كلا الحالتين أصبح الموقف أمام الشعب في منتهي السوء، و حادث المنيا الإرهابى الذى استهدف بعض المواطنين المصريين الأبرياء أثناء عودتهم من دير الأنبا صموئيل بمركز العدوة بمحافظة المنيا خير دليل على تغييب الإعلام، فكانت تغطية الحادث فى منتهى السوء وتوقيتات النشر كانت بعد ساعات من تداول الأخبارعلى الوكلات الأجنبية، بالإضافة إلى عدم توافر البيانات الرسمية، وتملك الخوف من الجميع خشية نشر تلك الأخبار بالتزامن مع حدث هام داخل الدولة “مؤتمر شباب العالم” ، وعلى النقيض تماما فأن الوكلات الأجنبية والإعلام الغربى نشر ما يحدث بسرعة وكفاءة على الرغم من أن الحادث شأن داخلي مصري، فكان من الأولى تغطيته بأسلوب مهني من إعلامنا الداخلي، وهذه الوقائع وغيرها تصب في مصلحة الإعلام الغربي وتبني جسور الثقة والمصداقية عند الرأي العام المصري والعربى تجاه الوكلات الأجنبية والإعلام الغربى من خلال نشر مثل هذة الوقائع قبل الإعلام الداخلى المصرى، فلابد من تدخل أكبر سلطة في الدولة لحل هذة الإشكالية .
وكذلك حادث مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي في السفارة السعودية بتركيا والتغطية الإعلامية الغير مهنية التي انتهجها الإعلام المصرى والتى ثبتت بما لا يدع مجالًا للشك مدى الأزمة التي يمر بها الإعلام ، والتى لا يعلم إلا الله متى الخروج منها.
يا سادة سقطات الإعلام في مصر يرجع إلى تدخل غير المتخصصين فى هذا الملف الحيوى، وهو ما أدى بدوره للوصول إلى حالة من الإعلام منزوع الدسم، وهو ما يصب فى مصلحة الإعلام الموالى لقطر وتركيا والإخوان، فالإعلام مهارة ومهنية وثقافة ومعلومات ذات قيمة فليس برامج التفاهه والسطحية والطبخ تصنع شعب متقدم وراقى وحضارى.
وعلى مدار التاريخ لم ينجح الإعلام الموحَّد ذو الإتجاة الموجه، فى أى مكان فى العالم، بل على العكس فقد حقق فشل ذريع، وخير دليل على ذلك إعلام نكسة 1967، الذي لن ينساه كل من عمل فى هذا المجال، ولابد من تدريس هذه النماذج حتى تكون عبرة لكل الأجيال القادمة
بقلم : أحمد أبوصالح