كتب- محمد الغريب
كشف مرصد الأزهر في تقرير له إن قضية التطرف اليميني إحدى القضايا المؤرقة للمجتمع الأوروبي بشكل عام ولدولة ألمانيا بشكل خاص، فقد أكد تقرير هيئة الأمن الوطني “حماية الدستور” لعام 2020 والصادر في 15/6/2021 في أكثر من موضع على خطورة اليمين المتطرف؛ حيث بيَّن التقرير زيادة أعداد المنتمين لهذا التيار بشكل ملحوظ. ومن الملفت للنظر أيضًا في هذا التقرير زيادة أعضاء اليمين المتطرف المستعدين لارتكاب أعمال عنف بنسبة 40% عن الأعوام السابقة.
وقد أوضح وزير الداخلية الألماني أثناء عرض التقرير أن التطرف اليميني هو أحد “المشكلات الكبرى” التي تهدد البلاد، مبينًا استغلاله لأزمة فيروس كورونا للقيام بمزيد من الفاعليات المتطرفة. وهذا ما بيَّنه مرصد الأزهر في تقرير سابق بعنوان: “اليمين المتطرف وأزمة كورونا.”
وتابع المرصد أن الحكومة الألمانية على وعي تام بخطورة هذا التيار، وأمام هذا الخطر المتصاعد اتخذت الحكومة الألمانية العديد من الإجراءات؛ حيث اعتمدت اللجنة الوزارية للحكومة الاتحادية الألمانية لمكافحة التطرف اليميني والعنصرية التي تم تشكيلها بعد حادث القتل الإرهابي الذي وقع بمدينة “هاناو” في أواخر عام 2020 مجموعة من التدابير لمواجهة العنصرية واليمين المتطرف، والتي من شأنها توفير المزيد من الحماية، وتحسين حماية المتضررين من التمييز، وضمان زيادة الاعتراف بمجتمع تعددي، والحد من ظاهرة العنصرية والتطرف اليميني داخل المجتمع الألماني. وقد بلغ مجموع هذه الإجراءات التي تقدمت بها اللجنة 89 إجراءً.
ومن هذه الإجراءات:
● تدشين برنامج وقائي لدعم “الديمقراطية على الانترنت”.
● إعداد تقرير من اللجنة المستقلة لمكافحة العداء ضد المسلمين، يحتوي على اقتراحات لمكافحة هذا العداء.
● تدشين برامج سياسية تعليمية في المدارس خارج المقررات الدراسية تهدف إلى مكافحة العنصرية.
● إلزام شركات التواصل الاجتماعي على الإنترنت بالإبلاغ عن التهديدات التي يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي سواء كانت تهديدات بالقتل أو تعليقات تحريضية أو أية محتويات إجرامية أخرى، وسيتم إنشاء مكتب مركزي جديد في المكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية لهذا الغرض. وإذا لم يلتزم مقدمو الخدمة بتقديم معلومات كافية عن منشورات الكراهية والتهديدات والإهانات على مواقع التواصل الاجتماعي يتم تطبيق غرامة مالية عليهم.
● إصدار قانون واضح تلتزم به الشركات لتسهيل توفير المعلومات إلى السلطات بشكل يمكِّنهم من تحديد المشتبه به والأدلة بشكل واضح.
● تعزيز المشاركة السياسية والاجتماعية للأشخاص الذين ينحدرون من أصول مهاجرة، وكذلك إزالة مصطلح العرق من القانون الأساسي، وتسهيل الإجراءات القانونية للحد من التمييز ضد الأجانب.
● خلق برامج تعليمية في المجال السياسي تستهدف العاملين في مجال مكافحة التطرف.
ومن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الألمانية الإعلان عن توفير أكثر من مليار يورو بين عامي 2021، 2024 لمكافحة التطرف اليميني والعنصرية، ودعم المشاريع التثقيفية في هذا السياق، مثل مشروع “الحياة الديموقراطية” وغيرها من المشاريع التي تشرف عليها وزارة الأسرة وغيرها من الوزارات الألمانية.
ولا شك أن حزمة الإجراءات الـ (89) التي اتخذتها الحكومة الألمانية لمكافحة التطرف اليميني والعنصرية تسهم بشكل كبير في التعريف بخطورة هذا التيار المتطرف؛ حيث جاء في مقدمة بنود هذه الإجراءات، التأكيد على أنها تهدف بشكل أساسي إلى خلق حالة من الوعي عند المواطنين الألمان بخطورة التطرف بشكل عام، والتطرف اليميني بشكل خاص، كما أن البرامج الموضوعة تهدف إلى خلق مزيد من الحوار المجتمعي حول خطر هذه الظاهرة، وتهدف إلى تفكيك خطر هذا التيار العنصري المعادي للمسلمين واللاجئين واليهود داخل المجتمع الألماني، وكذلك الحد من خطورته على مواقع التواصل الاجتماعي، كما تهدف إلى الإسهام في خلق مجتمع متنوع تتساوى فيه الفرص للجميع بغض النظر عن كونهم من خلفية مهاجرة أم لا. لذا فإن مرصد الأزهر يثمن هذه الإجراءات ويرجو أن تسهم بشكل فعال في مكافحة هذا التيار المتطرف.