الموارد الطبيعية التي حباها الله لها , والتي تفوق بكثير أو قليل تلك الدول الغربية المتقدمة , والتي من المفترض أن تجعلها تلك الموارد والخيرات – لو استثمرت بشكل صحيح ودون فساد – من أغنى دول العالم على الإطلاق ، ناهيك عن الدين الإسلامي الذي تدين به غالبية المجتمع , والذي يحرم على المسلم أكل لقمة من حرام, إلا أننا نراها دائما في مقدمة الدول التى تعانى , وأقلها غنى ونزاهة وشفافية , وما ذاك إلا بسبب الفساد الذي ما زال ينخر فيها منذ عقود من الزمان خلت .
وإذا كانت أسباب الفساد المنتشر في العالم كثيرة ومتشعبة , فإن من أهم تلك الأسباب – حسب ما يرى المحللون والخبراء – عدم وجود ضمير حى وسيطرة الاستبداد , وتكريس وتعميم ثقافة الفساد في المجتمع بدل محاربته ومواجهته .
فقد عانت الأمة طويلا حتى طفح الكيل وبلغ السيل الزبى , فلما أرادت الانعتاق منه ومن آثاره الكارثية على البلاد والعباد ، وقدمت من أجل ذلك الكثير من التضحيات في الأنفس والأموال والأولاد , عادت من كل ذلك بخفي حنين – حسب الظاهر والواقع – فما سمي “بالربيع العربي” لم يكن كفيلا بتحقيق آمال الشعوب في التخلص من الفساد والمفسدين , بل اصبح مرتع وبيئه خصبه لانتشار المرض اللعين وهوة سرطان الشعوب.
فعاد الفساد بوجوه جديدة وأشكال مختلفة . ولعل الأهم والأخطر الذي جنته يدي الفسادين ، هو تعميم ثقافة الفساد في المجتمعات , حتى أضحى الفساد ثقافة شعب وطريقة حياة وأسلوب معيشة , لا يمكن الاستغناء عنه واستئصاله إلا بعملية جراحية خطيرة ومعقدة , لا يستطيعها إلا جراح ماهر و بأدوات طبية متطورة , ولا يمكن أن تنفذ إلا بإرادة المريض المصمم على التخلص من هذا المرض العضال .
وإذا أضفنا إلى هذين السببين الرئيسيين فقدان آلية للرقابة على المسؤولين وأصحاب السلطة والمال , وبالتالي عدم محاسبة المتهمين بنهب ثروات البلاد أو إهدار المال العام , فإن جرثومة الفساد لا بد أن تنتشر وتعم المجتمع .
تحرص حكومة كل دولة على تنظيم قانون مكافحة الفساد، والذي يتم فيه عرض كافة نصوصه التشريعية على مجلس البرلمان للتصويت عليه، وإبداء الرأي فيه، والمشاورة في بنوده، من أجل العمل على إقراره كجزء من أجزاء القانون الخاصة بالدولة، لذلك تقوم جهة مسؤولة بدعم من هيئة متخصصة بإعداد هذا القانون من خلال التعاون مع الجهات القضائية على تنفيذه.أن قانون مكافحة الفساد يحتوي على مجموعة من النصوص القانونية، والتي تفرض العقوبات الرادعة لكافة الأفراد مرتكبي جرائم الفساد. ويهتم بدراسة طبيعة كل جريمة، وفرض العقوبة المناسبة لها، لضمان إعادة الحقوق إلى أصحابها، والمحافظة على إيجاد الإطار القانوني المناسب لمعالجة قضايا الفساد في المجالات السياسية، والاقتصادية
بقلم : الباحثة ميادة عبد العال