محمد الغريب
تناول مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في أحدث تقاريره، المخاوف الحالية التي تدور حول مستقبل تنظيم “داعش” الإرهابي، حيث رأى أنه رغم الخسائر التي لحقت به في مارس 2019 في سوريا إلا أن أتباعه لا يزالون حتى الآن يجندون أنصارًا جُددًا؛ لتنفيذ اعتداءات هنا وهناك.
وأضاف المرصد أن التقرير الصادر عن معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية (Eu Iss) بعنوان “كيف ترى داعش مستقبلها؟” يتطابق مع وجهة النظر التي طالما حذر منها في إصداراته، حيث لا يزال التنظيم الإرهابي يمثل خطورة حقيقية بعد فرار ما تبقى من أعضائه إلى بقاع مختلفة من العالم. فالتنظيم الإرهابي يرى أنه لا يزال لديه الفرصة للعودة من جديد؛ خاصة بعد أن نجح في استقطاب (27.000) مجند من الأطفال والمراهقين، وأبناء الإرهابيين وأنصاره، الذين لا يزال بعضهم محتجزًا في معسكرات بسوريا، ومنهم 600 مواطن أوروبي.
كما ذكر التقرير أن فقدان “داعش” للأراضي التي كان قد استولى عليها بقوة السلاح في سوريا والعراق لم يضر بأي حال من الأحوال بقوته أو بموارده، فقد استطاع أن يجدد نفسه، وأن يقوم بتحديث روايته المضللة عن “الجهاد”، وأصبح لديه قوى وإستراتيجيات جديدة؛ لتنفيذ الهدف النهائي: أي غزو القارة الأوروبية؛ حيث يوضح التقرير كيف تمكنت التنظيمات الإرهابية من إعادة تكييف نفسها، واستغلال مفهوم “الجهاد” في غير حقيقته التي شُرع من أجلها؛ بهدف التأثير على عقول الشباب واستقطابهم. وهكذا تحول اسم المجلة الإلكترونية لتنظيم داعش الإرهابي في عام 2016 من (دابق) إلى (رومية): أي (روما)، في إشارة من التنظيم إلى أن هدفه الجديد هو مركز المسيحية العالمية.
والباعث على القلق ما ظهر في الفيلم الوثائقي التي قام به “آلان دنكان” الوزير البريطاني السابق لشؤون أوروبا والأمريكتين خلال زيارته لمخيم “الهول” للاجئين في سوريا الذي يُعرف باسم “رحم تنظيم داعش الإرهابي”، وظهور بعض الصِبية في العاشرة من العمر وهم يتباهون بإظهار روح القتال أمام الكاميرات. وفي مارس 2021، أشار تقرير للحكومة البريطانية إلى زيادة تعرُّض الأطفال خلال الأشهر الـ (12) الماضية لتجنيد تنظيم داعش الإرهابي عبر الإنترنت بنسبة تصل إلى (7٪) مقارنة بعام 2020.
ومن ثَمَّ، أكد تقرير معهد الاتحاد الأوروبي أن المنظمات الإرهابية مثل “داعش” وغيرها تعمل بصمت وبلا كلل، مشيرًا إلى أنه لا ينبغي الاستهانة بـ (27.000) شاب، معظمهم من أبناء الميليشيات الذين وُلدوا في أراضي الدولة المزعومة، وترعرعوا وسط المعارك التي خاضها التنظيم.
ويؤكد مرصد الأزهر أن الاهتمام بالأطفال ليس بالأمر الجديد؛ فقد درَّب تنظيم داعش الإرهابي الأطفال خلال فترة قوته، واستخدمهم جواسيس أو مفجرين انتحاريين. ففي يوليو 2019، فجَّر طفل يبلغ من العمر (13) عامًا نفسه خلال حفل زفاف في إقليم “ننجرهار” بشرق أفغانستان، ما أسفر عن مقتل (5) أشخاص، وإصابة (40) آخرين. وتم تصوير هذا المشهد وترويجه بشكل دعائي لصالح التنظيم الإرهابي، في إساءة بشعة للإنسانية وروح الطفولة البريئة.
وفي الحقيقة لم يعد السؤال: كيف استطاع تنظيم “داعش” الإرهابي تجنيد كل هذا العدد من الأطفال، ولكن السؤال: متى سيشن تنظيم داعش الإرهابي هجماته المقبلة؟
وشدد مرصد الأزهر على ضرورة مواصلة الجهود الدولية لمكافحة هذا الوباء الخبيث، كما يدعو إلى تضافر هذه الجهود بين جميع الدول عسكريًّا وفكريًّا، وتعظيم وتفعيل دور المؤسسات الدينية المعتبرة في هذه المكافحة، ودعم برامج التأهيل والإدماج لهؤلاء الشباب والأطفال، واستخدام كل الوسائل المتاحة لتحقيق ذلك.