كتب- محمد الغريب
قال مرصد الأزهر في تقرير له إن منصات التواصل الاجتماعي دورًا مؤثرًا، ومحوريًّا، في الأحداث والقضايا الدائرة في عصرنا الحالي، بسبب الانتشار الواسع لها، واهتمام العالم كله باستخدامها ومتابعتها، وصار كل طرف من أطراف أي قضية مطروحة يجتهد في تسخيرها للانتصار لوجهة نظره عبر التأثير على متابعيها من خلال نشر روايته الخاصة، وطمس الرواية الأخرى وتكذيبها.
ومع اندلاع العدوان الصهيوني الإرهابي الأخير على الشعب الفلسطيني داخل أراضيه، الذي أسفر عنه استشهاد (279 شهيدًا) وتدمير للمنازل والمنشآت وتشريد مئات الأسر، برز الدور الفاعل لمنصات التواصل بشكل كبير في نصرة القضية الفلسطينية، وفضح الممارسات الإرهابية للكيان الصهيوني، من خلال الوسوم المتعددة عن رفض تهجير أهالي حي الشيخ جراح، ورفع يد الصهاينة عن الأقصى المبارك، وكان آخرها وسم: “غزة تحت القصف”؛ للمطالبة بالتوقف عن المذابح الوحشية التي يتعرض لها سكان قطاع غزة.
وتابع المرصد أن الفلسطينيين باتوا يخوضون غمار الحروب الطويلة والشاقة، ليس فقط في ميادين المواجهة المباشرة، وإنما كذلك على المنصات الرقمية، وهي معركة يبدو أن الأجيال العربية والإسلامية الجديدة تبرع في استخدام أدواتها، وفي نفس السياق رأينا العديد من الشخصيات العربية والإسلامية المؤثرة في شتى المجالات تستخدم تلك الوسائل لإدانة جرائم الاحتلال الصهيوني ونشرها للعالم أجمع وبكل لغاته في انتفاضة إلكترونية تكاد تكون الأكبر في تاريخ الاعتداءات الصهيونية على دولة فلسطين المحتلة.
وعقب الانتفاضة الإلكترونية التي قامت بها الشعوب العربية والإسلامية، وكل أصحاب الضمائر الحيّة في شتى بقاع الأرض، والتي تمثلت في إطلاق الوسوم على منصات التواصل المختلفة، ونشر مقاطع فيديو تبرز وحشية جيش الاحتلال ومستوطنيه الإرهابيين، ومدى الدمار الذي لحق بالشعب الفلسطيني، إضافة إلى المنشورات المختلفة التي أدت دورًا ملموسًا في إعادة تشكيل الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية بشكل غير مسبوق خلال العقود الأخيرة لدى النشء والشباب بشكل خاص، والذي ربما لم تتح له الفرصة للاطلاع بشكل كامل على أبعاد القضية الفلسطينية وتفاصيلها الدقيقة.
وهنا بدأ الكيان الصهيوني يُطلّ علينا بوجهه العنصري الفجّ، وبدأ في استخدام أساليبه المعهودة في تنفيذ سياسة التضييق على المحتوى الرقمي الفلسطيني على منصات التواصل عبر إغلاق المئات من الحسابات، وحذف المنشورات التي تعرض أي محتوى تضامني مع فلسطين ضد العدوان الصهيوني، وأبرزها كان إغلاق “فيسبوك” لمجموعة “أنقذوا حي الشيخ جراح”، كما تمَّ تسجيل مئات الانتهاكات ضد المحتوى الفلسطيني على منصات التواصل المختلفة.
ويؤكد المرصد على أن كتم الصوت الفلسطيني وحرمان الرواية الفلسطينية من الوصول إلى وسائل الإعلام ومنصات التواصل لا يعدّ أمرًا جديدًا أو مُستحدثًا، إنما هي سياسة صهيونية لازمت هذا الكيان المحتل منذ استيلائه على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولعل من أوائل من سلطوا الضوء على أبعاد هذه القضية كان الأكاديمي الفلسطيني “إدوارد سعيد”، حيث وضّح من قبل أن الغاية الصهيونية هي التغييب المتعمد للقضية الفلسطينية، ومحو فلسطين من الأذهان وتغييبها عن الوعي بعد أن تم تغييبها جغرافيًّا عن الخرائط.
ويختتم المرصد تقريره بأن المعركة على شبكات التواصل الاجتماعي في فضاء الإنترنت الفسيح العالمي جاءت بالتوازي مع المعركة الدائرة على الأرض، ولقد أثبتت هذه المعركة عدة أمور:
نهْج الكيان الصهيوني الدائم بالتعتيم الإعلامي التام لما يفعل ويقوم به من انتهاكات وممارسات بربرية ضد الشعب الفلسطيني، وخشيته من نشر الحقائق كخشية الخفاش أن يرى النور؛ فالظلم والظلام بيئته رضي بهما وركن إليهما.
محاولات الكيان الصهيوني المستمرة بالتغطية على ما يُقدم عليه من انتهاكات ومطالباته بذلك وكأنه صاحب الحق، وذلك منهجه الثابت في تزييف الحقائق؛ فلا ينبغي لمن يبحث عن الحقيقة أن ينخدع به.
ظهور جيل من الشباب لا يستسلم للواقع ويبتكر طرقًا لمقاومة صلف الكيان الصهيوني لنشر الحقائق.
تغلغل حب القضية الفلسطينية في وجدان الأمة الإسلامية وقدرة شعوبها على مقاومة الكيان الصهيوني بوسائل حديثة موافقة للعصر، بل والانتصار عليه.
الاستمرار في التوعية بالقضية الفلسطينية من أهم الأسلحة اللازمة لكسب معركة الوعي أمام الآلة الإعلامية الصهيونية التي اخترقت عددًا كبيرًا من المجتمعات، ولبقاء القضية حيّة في قلوب الأجيال القادمة وعقولهم حتى يأذن الله بفجر جديد.