كتب- محمد الغريب
بمناسبة انطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثانية والخمسين، أصدر مجلس حكماء المسلمين طبعة خاصة من كتاب القاضي محمد عبد السلام، الأمين العام للجنة العالمية للأخوة الإنسانية: “الإمام والبابا والطريق الصعب”، تعرض في جناحه بالمعرض، إلى جانب باقي إصدارات المجلس.
وتأتي أهمية الكتاب من كونه الشهادة الموثقة الوحيدة على ميلاد وثيقة “الأخوة الإنسانية” غير المسبوقة، والتي احتفى بها العالم، نظرا لصدورها عن رأسي أهم مؤسستين دينيتين إسلامية ومسيحية في العالم، فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان. أما ما يزيدها أهمية، فهو أن القاضي محمد عبد السلام، كان شاهدا على جميع مراحل صياغة الوثيقة، والمحطات التي توقف فيها قطار الوثيقة قبل أن يصل إلى غايته الإنسانية النهائية.
ولا يعود اعتبار “وثيقة الأخوة الإنسانية” وثيقة تاريخية غير مسبوقة، فقط إلى الحفاوة التي استقبلت بها عالميا داخل الأمم المتحدة وفي مختلف الأوساط والهيئات الدبلوماسية والأكاديمية والدينية، وإنما أيضا لأن مثل هذا اللقاء بين فضيلة الإمام الأكبر وقداسة البابا، بما يمثلانه من رمزية روحية لملايين الموحدين في العالم، كان أقرب إلى الحلم البعيد، الذي استعصى على من سبقهما في منصبيهما، لظروف تاريخية وإنسانية، يخوض بنا الكتاب تضاريسها الوعرة، بالتعريج على ما جعل تحقيق هذا الحلم ممكنا، من لحظة الأمل والاستكشاف، مرورا بالخطوات التمهيدية الأولى للقاء الرجلين، وما واجهته من مقاومة داخلية وخارجية، وانتهاء بالتفاصيل المثيرة للأشواط الأخيرة التي كان لزاما على الإمام والبابا أن يقطعاها من أجل الوصول إلى الهدف الإنساني النبيل.
وقد شكلت الحفاوة التي استقبلت بها “وثيقة الأخوة الإنسانية” ، دليلا حيا على معانا العالم من جراء ما تسببه الصراعات والحروب الفكرية والدينية، والعسكرية بالتبعية، وما ينتج عن هذه الحروب من مآس وويلات، اصطلت وما تزال البشرية بنيرانها خلال القرون الماضية.
أما عن الأصداء الواسعة للكتاب، فمردها إلى أن الشاهد على محطاتها، القاضي محمد عبد السلام، كان مساهما حيا في جميع هذه المحطات، و”صانع أمل” أصرّ على إمكانية ولادتها في أحلك لحظات اليأس والإحباط واللايقين، الذي شهده الطريق الصعب الذي قطعه فضيلة الإمام الأكبر وقداسة البابا قبل الوصول إلى “وثيقة الامل” المتضمنة معاني الأخوة الإنسانية.
كتاب قيم، يستحق أن يزين مكتبة كل صانع أمل محب للسلام والتعايش بين الأديان والثقافات، وأن تنعكس معانيه في تربيتنا لأبنائنا وفي صياغة خطابنا وواقعنا في مختلف بقاع الأرض.