كتب: محمد حنفي الطهطاوي
أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية ، إن هناك صراعات أيديولوجية وتنظيمية مستعرة تدور رحاها بين التنظيمات المتطرفة التي تدعي أنها جهادية، وعلى رأسها تنظيم القاعدة وتنظيم داعش المنشق عنه، مشددًا على أن حركة ما يسمى بالجهاد العالمي منقسمة على نفسها في ظل هذه الصراعات الظاهرة والخفية.
أضاف مرصد الإفتاء في بيان له اليوم ، أن أبرز القضايا الخلافية هي قضية تكفير المسلمين، مشيرًا إلى أن كل جماعة متطرفة تكفر جميع من خالفها في المعتقد والتنظيم عدا من ينضوون تحت رايتها وفق مبدأ “إما معنا أو ضدنا”، في مخالفة واضحة لمبادئ الإسلام السمحة وأحكامه التي وردت في الكتاب والسنة، مثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء: 94]، حتى أدى الأمر بين تلك الجماعات إلى تكفير بعضها البعض مثل ما حدث بين تنظيمات القاعدة وداعش والإخوان المسلمين.
وأوضح مرصد الإفتاء أن تلك الحركة المزعومة تختلف أيضًا حول هدف المشروع الجهادي حسب فهمهم القاصر، حيث ازدادت رقعة الخلاف بين تنظيماتها حول مفهوم التترس، أو قتل المسلمين في المواجهات مع الأعداء، رغم توصيات الإسلام في الحرب على حماية الأبرياء وعدم المساس بغير المحاربين.
ولفت المرصد إلى أن العديد من الجماعات المتطرفة اتخذت من قضية التترس سبيلًا لممارسة قتل الأبرياء من المسلمين وغير المسلمين ومحاولة لتبرير أفعالهم الإجرامية، تحت ستار من الشرعية الدينية، بل يذهب بعض تلك الجماعات إلى أن أي مسلم يعوق صراعهم أثناء اشتباكهم مع الغرب أو أي نظام معادٍ لهم، فإنه مرتد، وبالتالي فهو هدف مشروع. مشيرًا إلى أن تنظيم القاعدة حاول الالتفاف على ذلك المبدأ، ولا سيما فيما يتعلق بالمسلمين، والاستفادة منه في مواجهة غريمه اللدود تنظيم داعش، حيث ندد تنظيم القاعدة بالعمليات التي ينفذها داعش ويكون من بين ضحاياها أبرياء مسلمون، ووصفها بأنها “دليل قاطع على انحراف داعش وبغي عناصره”.
كما تنقسم جماعات حركة الجهاد العالمي المزعومة بشكل عميق حول قضية الخلافة، فقد اكتسب تنظيم داعش شهرته وذاع صيته من خلال الإعلان عن قيامها، حيث نجح في اجتذاب مزيد من العناصر والمجندين من جميع دول العالم. وفي المقابل، نجح تنظيم القاعدة في تحقيق العديد من أهدافه من وراء هذه القضية وما لها من أهمية لدى المسلمين، حيث أكد في أكثر من مناسبة أن هدفه الطويل المدى هو إقامة الخلافة الإسلامية.
وحثَّ مرصد الإفتاء على ضرورة السعي للاستفادة من هذه الانقسامات بين جماعات التطرف العالمي وتنظيماته، والعمل على النَّيْل من تلك الجماعات من خلال إظهار فساد فكرها وانحراف عقيدتها، خاصة وأن تلك الجماعات تبذل الجهود الحثيثة في محاولة القضاء على الجماعات المنافسة لها في الحركة؛ لتظهر أنها الأَوْلى بقيادة مسيرة الجهاد العالمي كما تزعم، مؤكدًا أن تلك الخلافات البينية ستؤدي إلى فرار عناصر تلك الجماعات وتراجع دعم مؤيديها ومموليها بسبب الاقتتال الداخلي فيما بينها.