كتب- محمد الغريب
قال مرصد الأزهر في مقال له إنه رغم إعلان قوات سوريا الديمقراطية (قسد) القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا في 23 مارس 2019، فإن مصير ومستقبل الأطفال الذين عاشوا في كنف هذا التنظيم لا يزال يشكل قضية شائكة.
فقد بات هؤلاء الأطفال مجبرين على دفع ثمن أخطاء ارتكبها آباؤهم عندما قرروا السفر من أجل الانضمام لتنظيم “داعش” الإرهابي والقتال في صفوفه، وترتّب على ذلك تكدُّس آلاف الأطفال في مخيمات الاحتجاز في أوضاع إنسانية بائسة جراء تفشي الأمراض وسوء التغذية، والحرمان من الخدمات الطبية في ظل إقصاء غالبية هذه المخيمات من رقابة المنظمات الدولية، ومعاناة من يعيشون فيها من حالة الخوف الدائم التي تخيم عليهم بسبب المصير المجهول الذي ينتظرهم، مع ما يثيره كل ذلك من احتمالات تشرُّب عقول هؤلاء الأطفال بالفكر المتطرف. ومن ثَمَّ اشتعل الجدل في بعض دول أوربا تقريبًا بشأن مصير أطفال “داعش” الأوربيين المحتجزين في سوريا، وأعربت بعض الحكومات عن ترددها في إعادة مواطنيها.
يأتي ذلك في الوقت الذي طالبت فيه الأمم المتحدة دول العالم باستعادة آلاف الأطفال العالقين في مخيم “الهول” شمال شرقي سوريا، حيث أكد (فلاديمير فورونكوف)، المدير التنفيذي لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب خلال أحد الاجتماعات الافتراضية لمجلس الأمن الدولي، أن الظروف المروعة التي يعاني منها هؤلاء الأطفال تعد من المسائل الأكثر إلحاحا في العالم حاليًا، كما أوضح أن (27) ألف طفل- من ٦٠ دولة ومن بينهم عدد كبير من أبناء مقاتلي تنظيم “داعش” الإرهابي- لا يزالون عالقين ومتروكين لمصيرهم المجهول في المخيم؛ حيث يواجهون خطر التطرف، بالإضافة إلى خطر التعرض لهجمات من قبل أنصار التنظيم، مشددًا على ضرورة أن تتحمل دولهم المسؤولية عن مصيرهم.
من جانبه، دعا مسؤول أممي إلى بذل قصارى الجهد من أجل ضمان عودة هؤلاء الأطفال إلى أوطانهم، مبديًا قناعته التامة بقدرة “أيتام داعش” الأوربيين على إعادة التأهيل في مجتمعاتهم. وفي السياق ذاته، أكدت “هايدي دي باو”، المديرة العامة لجمعية “تشايلد فوكوس”- التي زارت مخيم الهول- أن الوقت قد حان لإعادة الأطفال الصغار إلى أوطانهم. وتعد بلجيكا واحدة من الدول الرئيسة التي سافر منها عدد كبير من المقاتلين إلى سوريا والعراق للقتال تحت راية تنظيم “داعش” الإرهابي.
ويحذر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من خطورة تلك القضية، مشيرًا إلى أن أطفال “داعش” الأوربيين كالقنابل الموقوتة التي تنذر بوقوع مخاطر كبيرة، مؤكدا على ضرورة سرعة إيجاد حل لتلك الأزمة الإنسانية، داعيًا المجتمع الدولي للتعاون في هذا الأمر، والعمل على إعادتهم إلى أوطانهم، وإنشاء مراكز خاصة لإعادة تأهيلهم عن طريق محو كل المفاهيم المغلوطة التي زرعها تنظيم “داعش” الإهابي في عقولهم واستبدالها بمفاهيم أخرى صحيحة ودمجهم في مجتمعاتهم، وإلا سيشكلون في المستقبل نسخة جديدة من جماعات متطرفة أو على الأقل امتداد لتنظيم “داعش” الإرهابي.