كتب: محمد حنفي الطهطاوي
قال محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية إن الإمام الأكبر شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين استعرض في كلمته التي ألقاها في مؤتمر “حوار الشرق والغرب” دواعي العُنف المتبادل بين الشَّرق والغَرب وأنه هو السِّمَةَ البائسة التي تعزل حضارتنا المعاصرة، عن باقي الحضارات الإنسانيَّة التي عَبرَت على صفحات الأزمان والآباد، وهو ما لم يكن في صالح الإنسانية، الأمر الذي جعلنا ننظر عهدا جديدا تسود فيه علاقات التعاون والتكامل، وتبادُل المنافع والمصالح بين الدول الثرية والدول الفقيرة، وتلاقح الثقافات والحضارات، بين الغرب والشرق. وهو ما لا يتم إلا بالتعاون المشترك ونبذ
وأكد إن هذه العاصمة الأوروبية التي نلتقي فيها في هذا المؤتمر تشهد على أن المسلمين كانوا في يوم ما روادًا للحضارة والعلم والفن، ورُسُلًا للتنوير والتعليم والتثقيف، ولدرجة أنه لولا تراث المسلمين؛ ما كان لحضارة الغرب أن تستوي على سوقها كما استوت عليها اليوم.
أضاف الأمين العام أن الإمام ألقى الضوء في كلمته على ظاهرة الإرهاب العالمي، مؤكداً أنَّ المسلمين هم ضحايا هذا الإرهاب، وهم الذين يدفعون ثمنه من دمائهم أضعاف ما يدفَعُه غـيرهم مئــات المرات، وهم المسـتهدفون من أســلحته ونيرانه، وضَربُ اقتصادهم وتدميرُ طاقاتهم وإبقاؤهم في حالةِ اللاحياةِ واللاموتِ؛ كلُّها أهداف مبيَّتة ومدروسة بعناية فائقةٍ.
واستطرد عفيفي قائلا: إن الإمام الأكبر أكد في كلمته على تحمل الأديان مسؤولية الدماء التي سفكت في الماضي وتسفك في الحاضر، كما أكد على أن النصوص الدينية كلها رحمة ورفق بالحيوان فما بالنا بالإنسان.
كما أكد الإمام الأكبر على أن الأديان الإلهيَّة الموحى بها من الله تعالى على أنبيائه ورسله لا يمكن أن تكون سببًا في شقاء الإنسان، وكيف يُقال ذلك وهي ما نزلت إلَّا لهداية البشر إلى الخير والحق والصواب، أمَّا الحروب التي اشتعلَت باسم الأديان فليس لها سببٌ في القديم والحديث إلَّا سببًا واحدًا هو: تسييس الدِّين وتوظيفه واستغلال رجاله لتحقيقِ المطامع والأغراض، لافتا إلى أن الأديان كلَّها قد اتَّفقت على تحريم دم الإنسان، وصيانة حياته، ويمكن أن تختلف الأديان في بعض التعاليم حسب ظروف الزمان والمكان، لكنها أبدًا لم تختلف في تحريم قتل الإنسان تحريمًا باتًّا، وأنه ليس في متون الأديان ولا نصوصها المُقدَّسة ما يدعو إلى سفك دماء الناس، وليس في سلوك الرسل والأنبياء ما يُفهم منه –من قريبٍ أو بعيد- أنَّ سفكَ دم الآدمي حلال، بل أزعم أنَّ دماءَ الحيوانات في الشرائع الإلهية محرمة، وأنها محوطة بقوانين وأحكام شرعية كلها رحمة ورفق بالحيوان.
وألمح عفيفي أن الإمام الأكبر تعرض لجانب مهم يتعلق ببعض المفاهيم الخاطئة لدى الناس قائلاً: إذا كان إكراه الآخر على اتباع دين من الأديان هو ضرب من العبث واللامعقول، فيجب – والأمر كذلك – احترام عقيدته، والتسـليم له بدينه، بل يجــب -شرعًا- على الدولة الذي يعيش فيها هذا الآخر المختلف دينًا، أن تمكنه الدولة من ممارسة شعائر دينه، وأن توفر له دار العبادة التي يتعبد فيها، وأن تلتزم بكل الضمانات التي تمكنه من ممارسة هذا الحق الذي لا يرى حقًّا سواه.
وأشار الأمين العام إلى أن الإمام الأكبر أكد أيضا على استعداد الأزهر الشريف للتعاون مع مجلس حكماء المسلمين لتقديم كل ما يملك من خبرة من أجل تعاون –وبلا حدود– من أجل نشر فكرة السلام العالمي، وترسيخ قيم التعايش المشترك وثقافة حوار الحضارات والمذاهب والأديان.
وأكد الإمام الأكبر على رسالة مهمة تتعلق بحق الشعوب المقهورة التي عاني من سياسات التسلط والهيمنة والتجهير القسري، ومن سفك دماء الملايين من الضعفاء والفقراء والأرامل والأيتام فمن حق هؤلاء جميعا أن يقولوا بملء أفواههم (لا).
وقال الإمام في شجاعته المعهودة: وأنا معهم هنا في لقب أوروبا أقول: لا، وألف لا، بل من حقنا أن نطالب تصحيح المسار ، وبنصيبنا وحقنا في السلام الذي حرمنا منه.